عراق المطيري
اللغة هي وسيلة التفاهم وتبادل المعلومات المختلفة والآراء والثقافات بين الناس وهي الطريقة الوحيدة لدى البشر لتدوين التاريخ وليس بالأمر الغريب أن تكون صناعة الكلام حرفة تمتهنها شريحة من الناس ترتزق منها من خلال ما تمتلك من موهبة وقابلية على الإلقاء ومن خلال ذلك يتم إقناع الهدف المتلقي للكلام بمضمونه سواء كان ذلك مقروءا أو مسموعا، ومعظم الدول المتقدمة تعمل على إعداد كادر يختص في هذا الجانب المهم يذهب للتثقيف في كل الاتجاهات التي تخدم مصالحها وينسحب هذا التوجه إلى المؤسسات الرسمية أو شبه الرسمية بل وحتى الأشخاص التي تتعامل مع المجتمع بشكل مباشر ولو بدرجات متفاوتة، ونحن العرب لغتنا هي لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة ولغة الملايين ومعروفة بأنها حية ونامية ومتطورة ومعبرة تغزل فيها الشعراء وقصد دراستها والتخصص بمضامينها الكثير من الباحثين لأسباب كثيرة وتناولها جيراننا من الشعوب كما درسها البعيد خصوصا ممن اعتنق الإسلام بشكل مركز فمنهم من تعلمها إعجابا بها وحبا لأهلها أو للوصول إلى التعاليم الدينية وقد تفوق في دراستها ومنهم من تعلمها ودرسها لغاية مختلفة تماما، درسها ليسهل عليه تخريبها واستهداف الدين الحنيف من خلالها وهذا ما اجتهد وبرع وتفوق به جيراننا الفرس أكثر من غيرهم لأنهم طلاب ثأر من العرب والإسلام حيث به أسقطت دولتهم فتولد لديهم حقد يتجدد متجذر إضافة إلى أطماعهم في خيرات من بها الله على امتنا، ورغم إن الإسلام كما هو معروف دخلهم فاتحا ومحررا لا محتلا ونقلهم بنوره من مجوسيتهم إلى عالم مختلف تماما لا نتحدث عن ايجابياته لكنهم ظلوا متمسكين بمجوسيتهم وتعاليمها سرا أو جهارا حين تسمح الظروف بما فيها احتفالهم بعيد النار استذكارا للمجوسية في الوقت الذي يبتعدون عن استذكار مناسبة تحررهم بالإسلام وانكسار الإمبراطورية الظالمة على الرغم من كرم الأخلاق الإسلامي العربي الذي أظهره الجيش الإسلامي وقياداته آنذاك وصل حتى إشراكهم في إدارة الدولة وتوليتهم على غيرهم من القوميات والأقاليم، وانتهجوا شتى الوسائل للهجوم على العرب والإسلام فبرع قسم منهم في دراسة الإسلام ولغته ليسهل عليهم حرب العرب بسلاحهم ولنا في التاريخ شواهد كثر تنم عن ترجمة حقيقية لهذا التوجه آخرها ما فعلوه ولا زالوا على ارض العراق منذ الغزو الأمريكية إلى يومنا هذا، فيهون الأمر لو أنهم اكتفوا بسرقة ثروات القطر بل كان هدفهم الأكبر حياة الإنسان العراقي وبمنتهى القسوة دون استثناء تحت عنوان لم نكن في العراق نعرفه اسمه الطائفية ونصرة الطائفة المظلومة ولا احد يفسر لنا لنعرف كيف ومتى ولماذا ظلمت هذه الطائفة ومن منعها من عبادة الله باستثناء من خرج منها ومن غيرها على القانون فاستحق عقوبته.
حكمة الله أو ربما القدر أو ربما تناحرهم أو ربما شيء آخر دفع عملاء الملالي الفرس في العراق وهم من تلامذتهم المخلصين إلى التناحر هذه الأيام التي يستعدون فيها لسباق مارثوني طويل لما يسمونها الانتخابات الديمقراطية فأصبح بعضهم يفضح البعض من خلال مسيرتهم القذرة التي تمكنوا فيها من التسلق إلى كراسي السلطة برعاية قوات الاحتلال الأمريكي والتغلغل الفارسي والانتشار الكبير لفيلق الاستخبارات المسمى جزافا بفيلق القدس بعد أن تشتتوا إلى كانتونات يحتقرها شعبنا وانقسموا على بعضهم رغم أنهم لا يختلفون أبدا تحت تهديد عصا أسيادهم الفرس في استهداف الشعب العراقي والقضاء على وجوده واجتثاث ارثه وتاريخه وحضارته وثقافته، وبوجود الفضائيات التي تصل إلى كل الشعب العراقي ببساطة وسرعة وما أكثرها اليوم ومن دون عناء، أصبح هؤلاء مواضيع للتندر والاستهزاء بين أبناء شعبنا حتى أصبح البعض منه يتمنى أن تطول فترة الدعاية الانتخابية ورغم إن اغلب العراقيين يعرفون تفاصيل ما جرى خلال السنوات السبع العجاف من عمر الاحتلال وبالذات الأربع سنوات الأخيرة من عمره على يد مطاياه في حكومة نوري المالكي فان فترة الدعاية هذه دفعتهم إلى الاعتراف بذنوبهم وجرائمهم وكشفت معاناة الناس من ظلمهم كما كشفت سرقاتهم للمال العام وكذلك فضحت حملاتهم الانتخابية مصادر تمويلها.
الأهم من هذا كله فان القسم منهم طرح برنامجا انتخابيا للفترة المقبلة ابرز ملامحه تأكيد بيع العراق للأجنبي وتجاهل إمكانيات القطر الذاتية في إعادة بناء ما دمروه بالتعاون مع قوات الاحتلال وفي توفير الخدمات التي عملت أمريكا على حرماننا منها لقرابة قرنين من الزمان بحصارها لشعبنا وبعدوانها العسكري علينا في الوقت الذي أهمل جوانب مهمة في بناء الاقتصاد الوطني كالزراعة والتجارة والصناعة الوطنية ويعمل على ترسيخ عملية تحويل المواطن العراقي من منتج معطاء إلى مستهلك يعتمد على ما يتوفر من عائدات النفط ينهار متى ما قررت شركات النفط التي تعاقدوا معها لاستعمارنا من جديد ناهيك عن ربط حركة اقتصاد القطر بديون ثقيلة طويلة الأمد لشركات الاستثمار، وبكل وقاحة راح يروج بعضهم لما يحتويه برنامجه الانتخابي وكأنه لم يكن جزءا من حكومة حازت أولى درجات فساد الحكم في العالم.
صناعة الكلام وكل وسائل الدعاية والإعلام هذه المرة لم تمكنهم من إقناع الشعب العراقي فدرس الاحتلال القاسي جعل الجميع على يقين إن مشروع التحرير الوطني بعيدا عن الإرادة الأجنبية بأية صيغة هو الحل الوحيد لبناء مستقبل العراق المشرق ولا بديل عنه.