ولد" أرنستو تشي جيفارا "عام 1928 من عائلة برجوازية أرجنتينية , ودرس الطب في جامعة بلاده الأرجنتين وتخرج
عام 1952 , ومارس مهنته بين فقراء المدن والفلاحين ووهب نفسه لهم وكان صديقهم التاريخي , وطاف قبيل تخرجه من كلية الطب مع صديقه ألبرتو غراندو معظم دول أمريكا الجنوبية على الدراجة النارية , فزار إضافة لبلده الأرجنتين ,التشيلي وبوليفيا وبيرو وكولومبيا والإكوادور وبنما , وذلك بهدف التعرف على ظروف الناس وأحوالهم وأحوال أمريكا الجنوبية بشكل عام مستجيبا لرغبته بملاقاة الشعب والإختلاط به ومساعدة الفقراء والمرضى. كان مريضا بالربو..رقيق الجسد ..رقيق المشاعر..أحس بمعاناة الضعيف والفقير ..على الرغم من أنه من عائلة غنية..كان خجولاً وجريئاً فى نفس الوقت ..كان ذو روح محبة ومحبوبة على الرغم من مظهره العابث...كان يلتقط أحاسيس الطبيعة ومعاناة الوجوه ليبرزها فى صوره الفوتوغرافية..وكان يعزف الجيتار بأنامل حريرية. كان طبيباً تطوع فى الكثير من المهمات الإنسانية والمآسي التى تترك خلفها البسطاء والفقراء بعيون باكية تشكو له الظلم وعدم الفهم..كان صائداً للفراشات ..لكنه أبداً لم يرضى عن صيد النفس البشرية وأسرها وإذلالها فى أرضها ..لم يرضى بالظلم الواقع من القوي على الضعيف لا لسبب سوى أنهم لا يستحقون الحياة لأنهم الأدنى...! لهذا:اتخذ من العنف سلاحاً.. لأنه آمن " أن الشعوب المسلحة فقط هي القادرة على صنع مقدراتها واستحقاق الحياة الفضلى " برغم رقته وشاعريته وضعفه.اختلف مع كاسترو على عدم اعتبارهما من المحررين لأنه آمن وردد دائماً “المحررون لا وجود لهم؛ فالشعوب وحدها هي التي تحرر نفسها". لقد اتخذ من الصدق مبدأ..مع نفسه أولا ثم مع الغير..لهذا ترك الثوار حين مارسوا الوحشية مع نفس الشعوب التى حرروها بالأمس..متناسين إنسانيتهم…غادر كوبا متنازلا عن كل مناصبه وسلطاته مفضلاً أن تبقى ذكرى أيام النضال الحر مع الرفاق فقط فى رأسه بدلاً من الكراهية لهم. آمن أن التحرر من الظلم ليس مطلب شعب لوحده إنما مطلب كل الشعوب ..لهذا رحل إلى مناصرة قضايا أخرى .. تشيلي، وفيتنام، والجزائر ..وزائير….مردداً ” إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني". جيفارا أسطورة نضال ورجولة ومجد امة امريكية لاتينية جنوبية لا شمالية خلدها التاريخ ونحتت في اذهان الشباب صورة البطل القوي المدافع عن تراب الوطن وكرامة الامة ومجد ابنائها . جيفارا مات منذ سنين طوال وأسمه يتعاظم ترددا بين الناس وقصة نضاله واستشهاده واسلوب وحشية عصابات اليانكي الامريكية في اللحظة التي القت القبض عليه في الغابة البوليفية البعيدة وهو جالس بمحاذاة حائط أو ما هو في حكم الجدار ومن إطلالة عينيه المدهشتين كان يشع كل ذلك الذكاء والدفء والغضب في الآن ذاته هذه القصه تتناقلها الكتب والمطبوعات في تنافس مع السن المتحدثين والمتابعين وكأن البطل يحيا كل صباح ليقاتل طغاة الحرية والديمقراطية في النهار ثم يحيا في الليل ليقاتل ايضا بسلاحه الفتاك جيوش المارينز وعصابات المرتزقه وريثة اليانكي التي قتلت جيفارا ، نعم مات او استشهد جيفارا كما يستحق القول عنه واسمه يملآ البوسترات والملصقات الجدارية ودعايات المواد المستهلكه في امريكا الشمالية ومنها المشروبات برغم كراهيتهم له لكن كل من ينظر له تتكرر قصة نضال وشجاعة رجل وطريقة قتله البشعة عندما اطلق عليه الرصاص ومات لمجرد انه دافع عن كرامة وعزة واستقلال بلده. في يوم 8 أكتوبر 1967 وفي أحد وديان بوليفيا الضيقة هاجمت قوات الجيش البوليفي المكونة من 1500 فرد مجموعة جيفارا المكونة من 16 فردا، وقد ظل جيفارا ورفاقه يقاتلون 6 ساعات كاملة وهو شيء نادر الحدوث في حرب العصابات في منطقة صخرية وعرة، تجعل حتى الاتصال بينهم شبه مستحيل. وقد استمر "تشي" في القتال حتى بعد موت جميع أفراد المجموعة رغم إصابته بجروح في ساقه إلى أن دُمّرت بندقيته وضاع مخزن مسدسه وهو ما يفسر وقوعه في الأسر حيا. نُقل "تشي" إلى قرية "لاهيجيراس"، وبقي حيا لمدة 24 ساعة، ورفض أن يتبادل كلمة واحدة مع من أسروه. وفي مدرسة القرية نفذ ضابط الصف "ماريو تيران" تعليمات ضابطيه: "ميجيل أيوروا" و"أندريس سيلنيش" بإطلاق النار على "تشي"...دخل ماريو عليه مترددا فقال له "تشي": أطلق النار، لا تخف؛ إنك ببساطة ستقتل مجرد رجل، ولكنه تراجع، ثم عاد مرة أخرى بعد أن كرر الضابطان الأوامر له فأخذ يطلق الرصاص من أعلى إلى أسفل تحت الخصر حيث كانت الأوامر واضحة بعدم توجيه النيران إلى القلب أو الرأس حتى تطول فترة احتضاره، إلى أن قام رقيب ثمل بإطلاق رصاصه من مسدسه في الجانب الأيسر فأنهى حياته..! وقد رفضت السلطات البوليفية تسليم جثته لأخيه أو حتى تعريف أحد بمكانه أو بمقبرته حتى لا تكون مزارا للثوار من كل أنحاء العلم .من اشهر اقواله:
"إنني أحس على وجهي بألم كل صفعة تُوجّه إلى مظلوم في هذه الدنيا، فأينما وجد الظلم فذاك هو وطني"
"الثورة قوية كالفولاذ، حمراء كالجمر، باقية كالسنديان، عميقة كحبنا الوحشي للوطن"
"لا يهمني أين ومتى سأموت بقدر ما يهمني ان يبقى الوطن"
"الثوار يملئون العالم ضجيجا كي لا ينام العالم بثقله على أجساد الفقراء"
إن الطريق مظلم وحالك فإذا لم تحترق أنت وأنا فمن سينير الطريق"
"لن يكون لدينا ما نحيا من أجله .. إن لم نكن على استعداد أن نموت من أجله".