عدد الرسائل : 342 العمر : 40 الدولة : الوطن العربي الاوسمة : 05/11/2007
موضوع: الحرية في فكر البعث العربي الاشتراكي الأربعاء أكتوبر 13, 2010 4:03 pm
الحرية في بداية نشأة حزب البعث العربي الاشتراكي كانت في حالة عسر شديد نتيجة للظروف العربية والدولية وكانت مزيفة حيث كان الاستعمار المباشر يحتل معظم أقطار الوطن العربي ويسحق حرية الشعب لكي يضمن حماية مواقعه وتأمين مصالحه واستمرار نفوذه.
أماني البلدان العربية التي حصلت على استقلال تقليدي فقد ورثت الرجعية بعضاً من مراكز الاستعمار وحرمت الجماهير ثمرة نضالها واتخذت من السلطة وسيلة لاستغلال الجماهير الشعبية وتحالفت مع الاستعمار لكي يضمن كلاً للأخر استقرار نفوذه وحماية مصالحه واضطرت الرجعية لممارسة الإرهاب العلني المباشر في الظروف التي يتعاظم فيها نضال الجماهير كما عمدت إلى تزييف شعارات الحرية والديمقراطية وإفراغها من محتواها الحقيقي حيث أصبحت مجرد واجهه تخفي طغيان وتزييف واستثمار الطبقات الرجعية وفي نفس الوقت كانت التجارب الاشتراكية تشهد تفاقما ملموسا وقويا في مخاطر البيروقراطية وفي مواجهة مبدأية وثورية.
لهذه الظروف رفع حزب البعث العربي الاشتراكي شعار الحرية فجاء جوابا صادقا وأمينا لموقف الحزب الذي يؤمن بالاشتراكية كوسيلة لتحرير كلي وجذري للإنسان العربي.
فالحرية في فكر الحزب تعني التحرر من الكامل السياسي والاقتصادي من شتى أشكال السيطرة الاستعمارية
ولهذا السبب كان حزب البعث العربي الاشتراكي أول حركة ثورية عربية وضعت مسألة الكفاح ضد الاستعمار على صعيد ثوري ومبدئي 0
وانطلق الحزب في نضال دائم ضد شتى أشكال السيطرة الاستعمارية سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم مباشرة أو غير مباشرة كما أصبحت أول حركة ثورية قومية.
وقد وضع الحزب مسألة النضال ضد الاستعمار ضمن إطارها الدولي والإنساني واعتبر المعسكر الاشتراكي قوة ايجابية فعالة في النضال ضد الاستعمار كما كان حزب البعث أول من طرح مبدأ الحياد الايجابي وأكد دوماً مبدأ عدم الالتزام وأن سياسة وان سياسة عدم التزام تعني في مضمونها تجنب الانسياق وراء التبعية والابتعاد عن الانغمار في معارك المعسكرين اليومية والمباشرة وكانت تعني التزام سياسة مبدئية وثورية على الصعيد الدولي تهدف إلى دعم للتحرر القومي لجميع الشعوب المناضلة ضد الاستعمار.
فالحزب اكتفى بوضع الأسس فالخطوط العامة في نظرته لمشكلة الحرية السياسية منطلقاً من عفوية نضالية على صعيد القطاع العسكري وعلى الصعيد البرلماني فالنضال الجماهيري هو وحده طريق الثورة والنضال البرلماني لا يمكن إن يكون إلا شكلاً من أشكال النضال الثوري لتوثيق الصلات وتعميقها مع الجماهير وفضح سياسة الطبقات الرجعية وتزيفها الكامل للديمقراطية.
وان تخطي البرلمانية لا يعني الانتقال إلى أشكال للحكم ديكتاتورية أو فردية بيروقراطية أو عسكرية بل يعني زوال الإطار البرجوازي شبه الإقطاعي للديمقراطية والانتقال الى ديمقراطية أوسع وأعمق وأمتن وأسلم هي الديمقراطية الشعبية التي تكفل لجم الرجعية من جهة وتؤمن التعبئة لطاقات الجماهير وإمكانياتها في عملية البناء الاشتراكي الثوري للمجتمع العربي من جهة أخرى فالديمقراطية الشعبية هي التي تجدد اندفاعات الثورة وتعزز مكاسب الجماهير وتوسعها وتصونها وتوفر المناخ لنمو التحرك الجماهيري وتعمق جذوره وعياً وتنظيماً للثورة الاشتراكية.
إن مركزية السلطة الديمقراطية الشعبية لا يمكن أن تتوفر على نحو جاد وفعال إلا إذا جاءت حصيلة للتنظيم السياسي الطلائعي الثوري 0 إلا أن هذه المركزية لا يجب أن تلغي مبدأ الانتخاب وتحوله إلى عملية شكلية.
فالشرط الأساسي لديمقراطية المجالس الشعبية وثورتها هي في تكوين المستويات في القرية والمدينة والمنطقة والمحافظة ثم على المستوى القطري فالقومي.
فمهمة الطليعة القومية الاشتراكية تأمين الجمع بين ثورية مبدأ الاقتراع الشعبي وحريته وانتخاب الهيئات التمثيلية والمجالس الشعبية فمثل هذه المهمة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا استطاعت هذه الطليعة تأمين التفاف الأكثرية الساحقة من الجماهير حولها عن طريق اعتبار الجماهير قاعدة الثورة وحاميتها وبالتالي رفض مبدأ الوصاية على الشعب أو ممارسة السلطة عن طريق التفويض نيابة عن الشعب.
فلا بد من خلق أسس موضوعية تكفل جدية تطبيق الديمقراطية الشعبية. والأساس الموضوعي الحاسم لتطبيق الديمقراطية هو اقتدار الطليعة قيادة أكثرية الجماهير الساحقة قيادة قائمة على ثقة الجماهير الحرة العميقة بهذه الطليعة لان حزباً بلا جماهير لابد إن ينحط إلى عصابة تمارس الطغيان على الجماهير.
من الطبيعي أن الحزب لا يمكن أن يستوعب كل الجماهير الشعبية بل طليعتها فحسب ولهذا فهو المحرك الذي يسير المنظمات والمجالس الشعبية ويقودها وهو الذي يبلور مطامحها برؤيته العميقة النفاذة لحالة الجماهير الفكرية. وهو على هذا النحو يؤمن ثورية الممارسة الديمقراطية وشعبيتها.
فأصبح مبدأ (الحزب القائد) أمراً تمليه الضرورة المرحلية لوجود سلطة مركزية ثابتة تقود عملية البناء الاشتراكي كما أكدته التجارب الثورية الاشتراكية في العالم. إلا أن ضمان ممارسة شعبية للديمقراطية يتوقف على شرطين .
الأول هو قدرة الحزب على قيادة الأغلبية الساحقة من الجماهير الشعبية و يؤمن التفافها الطوعي الواعي حوله والشرط الثاني هو ممارسة الديمقراطية الداخلية في الحزب القائد.
فلا بد من توافر ظروف جادة وواعية لممارسة الديمقراطية داخل الحزب ومن هذه الظروف:
1- يجب أن تكون سياسة الحزب واضحة ومحددة ومنسجمة مع منطلقاته الإيديولوجية وأهدافه الأساسية .
2- الكفاح الدائم ضد ظواهر التخلف والانحراف التي قد تتسرب من الواقع البرجوازي إلى صفوف الحزب.
3- لا بد من التثقيف العلمي الدائم في صفوف الحزب و إتباع منهج التحليل العلمي الموضوعي لظروف النضال و على التحليل الواقعي للظروف الملموسة التي تتغير و تتطور على مر الزمن.
4- الإدارة الديمقراطية لوسائل الإنتاج شرطاً أساسياً لممارسة الديمقراطية الشعبية.
5- الحزب مطالب في الظروف التي يمسك فيها زمام السلطة بتطوير أجهزة الدولة بحيث تصبح هذه الأجهزة في خدمة الجماهير الشعبية لا عبأً عليها.
و تصبح قادرة على المساهمة الفعالة في قضايا البناء الاشتراكي.
6- لا بد من نبذ مبدأ إبعاد الجيش عن السياسة لأنها تحرم جزءاً هاماً من المواطنين من ممارسة حقوقهم السياسية.
فالديمقراطية السياسية ليست حقاً للمواطنين الذين يعملون في قطاع الجيش فحسب بل هي ضرورة أساسية من ضرورات البناء الاشتراكي.
7- التزام الحقيقة هو عامل أساسي في ممارسة الديمقراطية الشعبية على نحو ثوري.
8- انتشار الأمية سوف يعيق عملية ممارسة الديمقراطية فمن الأولوية بمكان تصفية الأمية بشكل كامل وسريع
9- لا بد من تحرر المرأة فتحرير المرأة العربية أصبح ضرورة ديمقراطية بالإضافة إلى كونها ضرورة إنسانية فالتعليم وحده لا يمكن أن ينجز مهمة تحرير المرأة على نحو ثوري و أن الاستسلام للتطور العفوي لقضية المرأة سيجعل جوانب سير التطور العربي مخلخلة وغير متجانسة و أن البناء الاشتراكي للمجتمع العربي حلاً جذرياً لأن الاشتراكية حل لمشكلة الكائن الإنساني رجلاً كان أم امرأة .
فالحزب و السلطة الثورية يجب أن يعملان على مكافحة العقلية السلبية تجاه المرأة و أن يعملان لتصفية آثار الأفكار الرجعية و أن يحولان هذا الكفاح إلى إسلوب عملي تطبيقي يتيح لها المساهمة الفعالة في الحياة العامة وفي النضال وهذه المساهمة الفعلية هي التي ترفع كل القيود التي تمنع تطور المرأة و تفتح شخصيتها الإنسانية .
إن حرية المرأة الحقيقة لا يمكن أن تتوفر إلا بالنضال على جبهتين :
النضال ضد الأطر و التقاليد و العادات المتخلفة .
و النضال ضد المفهوم البرجوازي الشكلي للحرية وربط هذا المفهوم الجديد لحرية المرأة بقضية البناء الاشتراكي للمجتمع العربي.