أسيراتنا في المعتقلات الصهيونية.. معاناة لا تنتهي!
عزل وقمع ورش بالغازات السامة
هذا هو مشهد من مشاهد المعاناة والتعذيب الذي تلاقيه أسيراتنا الفلسطينيات اللواتي وقعن فريسة الأسر البشع في غياهب المعتقلات الصهيونية، ثمنا لنضالهن من أجل الحصول على الحرية.
تبدأ صورة من صور القمع الصهيوني بإلغاء زيارات الأسيرات ما بين الغرف، ولفترات غير محددة. وفي الساعة 12:00 ليلاً تعمد إدارة المعتقل إلى حبس المجاري، فتفيض أولا على غرفة الأسيرة آمنة منى"ممثلة الأسيرات" ومن ثم تفيض إلى باقي الغرف. ورغم ارتفاع صراخ الأسيرات واستغاثتهن بالسجانات لإنقاذهن من المياه القذرة التي تهدد سلامتهن الصحية وإتلاف مقتنياتهن، إلا انه لم يكن هناك أي استجابة.
تستمر الأسيرات بضرب الأبواب والصراخ إلى أن يأتي رد الإدارة بإرسال قوة من الحرس لرش جميع الأسيرات بالغاز، وخصوصاً غرفة الزهراوات "الأسيرات القاصرات" وفيها تقبع الأسيرات الصغيرات؛ أسماء محمود 17 سنة، فداء غنام 14 سنة، زينب الشولي 14 سنة، تمارا درباس 15 سنة، عائشة عبيات 16 سنة.
وهذا المشهد المأساوي يؤدى إلى إصابة الأسيرات بحالات إغماء شديدة وحالات حروق في الوجه بسبب كثافة الغاز في الغرف المقفلة. ورغم ذلك تستمر الأسيرات بالاحتجاج، ويتعاظم القمع من قبل الإدارة، بعد أن يذهب الجميع للاجتماع مع مديرة المعتقل.
وقد تواصل تأثير الغاز على الأسيرات حتى الساعة الخامسة صباحاً حتى غلبهن النوم من شدة التعب والإرهاق لساعات قصيرة. واستيقظن بعدها على صراخ الأسيرة "عبير عمرو" وهي تقول إن قوة أخرى من السجانين قامت برش غرفة الأسيرة "آمنة منى" بالغاز وقيدوها هي و"سعاد غزال" و"أحلام التميمي" من أيديهن وأرجلهن واختطفوهن إلى مكان مجهول. وأخبرت باقي الأسيرات أنهن ممنوعات من زيا رة الأهل لشهرين ومن زيارة الغرف لمدة غير معلومة.
هذا هو مشهد من مشاهد المعاناة والتعذيب الذي تلاقيه أسيراتنا اللواتي وقعن فريسة الأسر في المعتقلات الصهيونية ثمنا لنضالهن من أجل الحصول على حقوقهن وحريتهن.
يبلغ عدد الأسيرات في معتقلات الاحتلال الصهيوني حاليا ما يربو على (81) أسيرة يقبعن في سجون الجنائيات الصهيونيات في سجن "هشارون" شمال الأراضي المحتلة، بعد ما تم نقلهن من سجن الرملة قبل أسابيع، ويعشن في ظل ظروف قاهرة تفرضها سلطات الاحتلال الصهيوني عليهن.
شاهد عيان
وفي لقاء أخير مع الأسيرات في معتقل الرملة الصهيوني حيث الزيارات الآن معدومة في معتقل هشارون ماعدا زيارات الصليب الأحمر؛ أكدت محاميتا نادي الأسير "فاتن العصيبي" و"إيناس يونس" أن وضع الأسيرات صعب للغاية، حيث فرضت إجراءات وعقوبات صارمة على حياتهن الداخلية، ويعشن وضعا متوترا باستمرار بسبب التهديدات التي يتلقينها من قبل إدارة السجن.
وقالت المحاميتان أن الإجراءات شملت مضايقة وتضييقا على المحاميين، حيث تباطأت الإدارة لأكثر من ساعة ونصف في إحضار الأسيرات المطلوبات للزيارة.
وقالت الأسيرة سعاد غزال (19 عاما) من مدينة نابلس أن إدارة المعتقل قامت باقتحام غرف المعتقلات دون أي سبب بحجة التفتيش وبشكل استفزازي ومهين، موضحة أن ذلك يتكرر يوميا مما يبقي الوضع مشحونا وعصيبا، وأشارت الأسيرة غزال إلى وجود اكتظاظ في الغرف وأن بعض الأسيرات ينمن على الأرض.
معاناة
أما الأسيرة "سلام خضر صويص" من طولكرم فقد تحدثت عن وجود أسيرات مريضات بحاجة إلى تلقي العلاج، حيث إن إدارة المعتقل لا تقدم العلاج اللازم لهن وخصوصا الأسيرتين "أسماء أبوالهيجا" من جنين المصابة بمرض السرطان، و"إلهام المغربي" من نابلس المصابة أيضا بذاك المرض الخطير ومن أزمة بالصدر، ولم يتم علاجها علما بأنها أم لطفلة، و ما زالت تقبع خلف القضبان، والأسيرة "رهام ناصر" (15عاما) والتي أصيبت بالرصاص في البطن إثناء اعتقالها، وتعاني من آثار الإصابة وهي بحاجة ماسة للعلاج، الذي لا يقدم لها، والأسيرة "دعاء جيوسي" والتي تعاني من مرض جلدي خطير يحتمل انه معدي ولم تتلق أي نوع من العلاج ولم تنقل إلى العيادة الطبية في المعتقل، وغيرهن عديد من الأسيرات المريضات اللاتي حصلنا على قائمة بأسمائهن من دائرة التوثيق في وزارة شئون الأسرى والمحررين والذين يتعدون العشرين أسيرة.
ألوان من التعذيب
إلى ذلك كشفت الأسيرة الفلسطينية المحررة فداء غنام (17 عاما) من مدينة الخليل التي أفرج عنها قبل حوالي شهر من معتقل الرملة بعد اعتقال دام عامين ونصف العام؛ عن تفاصيل المأساة التي تعيشها الأسيرات الفلسطينيات في معتقل الرملة، والتي ازدادت مؤخرا مع حلول فصل الشتاء البارد، مشيرة إلى أن شرطة الاحتلال ضاعفت في الآونة الأخيرة عمليات اقتحام أقسام المعتقل، والاعتداء على الأسيرات بالضرب.
وأكدت أن إدارة المعتقل تتعمد عزل الأسيرات كل على انفراد، كما اقتحم حراس المعتقل المقنعين بلباس أسود غرف الأسيرات عدة مرات حاملين معهم العصي واعتدوا عليهن بالضرب المبرح.
وأضافت أن السجانين يربطون أيدي الأسيرات في المقاعد ويفتحون أفواههن ويرشون بداخلها غازات تثير الحرقة.
كما تتعرض الأسيرة "آمنة منى" للشبح على الكرسي لعدة أيام وتضرب بشدة حتى ينزف دمها من رأسها لمدد طويلة قبل إسعافها.
ومما يذكر أن منى وهي الناطقة باسم الأسيرات الفلسطينيات تعاني من مرض الديسك والقرحة في المعدة وتتعرض للضرب والعزل الانفرادي بشكل مستمر.
وأكدت غنام أن قوات الاحتلال تواصل حتى الآن اعتقال عدد من الأمهات؛ بينهن اثنتان أنجبتا داخل معتقل الرملة ويعيش معهما طفلاهما رغم الظروف المعيشية الصعبة داخل المعتقل.
وأضافت أن حل ول موسم الشتاء زاد الظروف صعوبة، حيث تتدفق المياه عليهن من النوافذ ويعانين من البرد الشديد وعدم وجود تدفئة وملابس شتوية .
وتقول الأسيرة المحررة أسماء حمود (17 عاما) انه ذات يوم أحضر السجانون وجبة الغذاء للأسيرات ولم يدخلوها إلى الغرف، وبقيت لساعات أمام ناظر الأسيرات والذباب يأكل منها ما يشاء، مما اضطر البنات إلى إرجاع هذه الوجبة عند إدخالها إلى الغرف، وبهذا حصلت إدارة المعتقل على المبرر الذين أرادوه لقمع البنات.
وتضيف حمود أنه في يوم إطلاق سراحها جاءت السجانات وسحبوها بطريقة وحشية اشتملت على الضرب والشتم وعدم الاحترام بغية إطلاق سراحها. ورفضت إدارة المعتقل طلبها وداع الأسيرات.
ويبدو أن الأسيرات وضعن رسالة لها بين الملابس يقلن فيها أنهن قد نقلن إلى مراكز عزل أخرى، مطالبين من نادي الأسير إيصال هذه المعلومات إلى جميع الجهات والمؤسسات، من أجل القيام بخطوات احتجاجية لدعم الأسيرات. وعلقت الأسيرة بقولها بأن الوضع خطير جدا وبحاجة إلى تدخل جميع الجهات.
كما أشار تقرير لنادي الأسير إلى أنه يتواجد في معتقل هشارون للنساء نسبة عالية من الأسيرات القاصرات، حيث يوجد (16) أسيرة قاصرة في هذا المعتقل أعمارهن اقل من 18 عام، ويوجد 9 أسيرات محكومات بالاعتقال الإداري، ولم يسبق أن كان هناك نسبة مرتفعة من الأسيرات الإداريات مثلما هو الحال الآن في معتقل النساء.
حقوق مسلوبة
وعن أوضاع الأسيرات المأساوية في المعتقلات الصهيونية يقول "حسن قنيطة" ـ مدير دائرة الاتصال بالمعتقلات في وزارة شؤٍون الأسرى والمحررين ـ إن غالبية الشكاوى التي تصل من الأسيرات تركز على قضية مهمة وهي عدم الاعتراف بهن سياسيا، من خلال وضعهم مع الجنائيات الصهيونيات، وصعوبة الزيارات حيث تمنع عنهن زيارات الأهالي، بالإضافة إلى الشكاوى حول المعاملة القمعية من قبل إدارة المعتقل وتعرضهن المستمر للضرب والرش بالغاز، بالإضافة إلى الاكتظاظ الشديد داخل الغرف ونقص عدد الأسرة والإهمال الطبي الشديد، وعدم وجود الرعاية صحية.
وأشار إلى عقاب جديد تتبعه إدارة المعتقل حاليا وهو فرض الغرامات المالية عوضا عن العقاب البدني والمعنوي.
وحين سألناه عن أهم مطالب الأسيرات؛ قال قنيطة إنها مطالب بسيطة للغاية تتلخص في إزالة الزجاج عن شبابيك الزيارات واقتصاره على القضبان الحاجزة، بالإضافة إلى المطالبة بغطاء واق من الشمس وكتب وعلاج طبي، وفتح الأبواب بين الغرف، وتقديم وجبات الطعام التي تتناسب والذوق العربي، وتغيير الملابس السوداء.
وكما يبدو فكلها مطالب في غاية البساطة، ولكن الاحتلال الصهيوني يسلب حتى هذه المطالب الحياتية القليلة.
تنغيص متواصل
من جهته أكد "هشام عبد الرازق" ـ وزير شؤون الأسرى والمحررين ـ في حوار خاص ـ أن المعاناة الأكبر التي تواجه الأسيرات داخل السجون، هي وجودهن في سجن خاص بالجنائيات الصهيونيات مما يجعلهن في محيط معاد على مدار الساعة، مؤكدا أن ذلك يؤدي إلى التنغيص المستمر في حياتهن بسبب القيود التي تفرض عليهن لوجودهن في معتقل مدني صهيوني مما يعرضهن للتعذيب النفسي والمعنوي بشكل مستمر.
أما عن طرق الاتصال بالأسيرات، وبخاصة في ظل الظروف الحالية، فأوضح عبد الرازق أن طرق الاتصال مقتصرة على زيارات الصليب الحمر، موضحا أنه أجريت المحاولات لزيارتهن بالمكان الجديد "سجن هشارون" ولكنها باءت بالفشل.
وعن كيفية اختيار المحامين لتمثيل الأسيرات يقول عبد الرازق: "إنَّ هناك عديدا من السبل، منها التعاقد مع مجموعة من المحاميين للدفاع عن الأسرى، أو من خلال المنظمات الحقوقية الفلسطينية التي تقوم بتكليف مجموعة من هؤلاء المحاميين، كما أن بعض الأسيرات أنفسهن يقمن بتوكيل محام للدفاع عنهن على حسابهن الخاص".
وفي معرض إج ابته عن سؤال حول مصداقية المحامين اليهود في الدفاع عن الأسرى بشكل عام، والأسيرات بشكل خاص؛ يرد عبد الرازق قائلا: "إن عددا من المحامين اليهود ضربوا مثالا رائعا في التعامل مع القضايا بشكل أخلاقي، منهم المحاميتان "ألجيرا باتشكو"، و"ليئا تسميل" وهما من قوى الديمقراطية وقوى السلام الذين ناضلوا من أجل حرية الأسرى على مدار الـ 36عاماً".
ويبقى وضع الأسيرات على هذا الحال من الألم والعذاب والنسيان في غياهب المعتقلات ما لم ترعهم عناية الله ثم الضمائر الحية!
[hr]
سحقاً للخــونة والمتخاذلين
أسيراتنا بطلاتنا سيخرجن طال ان قصر الزمن ,, فهذا وعد ليس مني وما أنا ,, ولكنه من رب العزة
تحياتي لجميع المناضلين والمناضلات في سائر امتنا المجيدة