هل سيسحب مقتدى البساط مرة أخرى؟
أحداث البصرة التي وقعت الشهر المنصرم ومازالت أثارها مستمرة إلى اليوم كشفت عن حالة أستشعرها الجميع الأ وهي أن مقتدى الصدر أستطاع أن يسحب البساط من تحت أرجل المالكي وحكومته التي تدعمها قوات الاحتلال؛والقوات التي تأتمر بإمرة عبد العزيز الحكيم من جهة أخرى؛هذا من جانب ومن الجانب الأخر؛كشفت تلك الأحداث خواء السيطرة الإيرانية على الجنوب العراقي وأحالته لحالة هلامية لاتأثير لها سوى بالتحريض بين هذا وذاك ومن بعيد بعد أن اشتعلت النيران وعلا أوارها؛كما نبهت الجانب الأمريكي المحتل إلى حقيقة سيطرة الميليشيات على الساحة العراقية بشكل تام تبخر معه مايسمى بالسيادة العراقية التي تمتلكها الحكومة والتي ذهبت لمقايضة السلاح بالمال وهي لعبة أمريكية قديمة تستعيدها كلما سنحت لها الفرصة للتخلص من أسلحة خصومها ولأنها وجدت في هذا الفصيل أو ذاك من الذين يحملون السلاح هشاشة الفكر وعدم امتلاكهم للعقيدة القتالية التي تدفع صاحبها للتضحية بروحه من أجلها وعدم التفريط بالسلاح الذي يحمله.
أحداث البصرة الأخيرة أظهرت عدم قدرة ما يسمى بالحكومة على إدارة الأزمة كما هي في كل حين غير قادرة على إدارة أي شيء؛وأظهرت القدرة التي أبداها مقتدى بالمناورة بأتباعه وتوجيههم بعد أن أعلن في المرة السابقة البراءة منهم؛ليظهر وكأنه الذي يسيطر على الموقف بشكل عام أضطر المالكي للهرب تحت وطأة ضربات أتباع مقتدى في ظل حماية القوات البريطانية الغازية واللجوء إلى مخابئهم في مطار البصرة الدولي؛وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سيطرة أتباع مقتدى الصدر على الموقف وحسمه لصالحهم ووفق الشروط التي يريدون؛إلا أن التدخل الأمريكي والبريطاني لصالح المالكي وقواته التي تسمى حكومية تمكنت من استرجاع جزء بسيط من السيطرة على الأرض أو ربما محاولة استعادة الوعي لأتباع المالكي بعد أن فقدوه؛ وأسلم العديد من هذه القوات أنفسهم لجماعة مقتدى دون قتال.
هذه الهشاشة التي بانت عليها الحكومة ليست بالجديدة على فصيل الخيانة الذي نصبته الولايات المتحدة على رقاب العراقيين؛بل هي ما أعتاد عيه المواطن العراقي في السلوك اليومي لتلك العصابات التي تقبع في المنطقة الخضراء دون حركة أو سكون إلا بأمر المرتزقة الأمريكان وكلنا يذكر مشكلة الشمال العراقي الحبيب حين احتلته تركيا لمطاردة مرتزقة حزب العمال الكردستاني الذين يدعمهم مسعود البر زاني وجلال طلباني؛وكيف فشلت تلك التي يسمونها حكومة في فض ذلك النزاع والعمل على سحب القوات التركية الغازية من شمالنا الحبيب وبعد أن عجز مسعود من الدفاع عن مايسميه الإقليم المستقل وتوسلاته بصنائع الاحتلال في بغداد.
أحداث الجنوب فتحت الباب واسعا على تساؤلات عديدة تبدأ ولا تنتهي أولها من الذي يسيطر على الجنوب ؛ومن الذي يدير تلك العمليات ويسندها؛ومن يدفع لتمويل تلك المليشيات ويجهزها بالسلاح والعتاد والديمومة؛ومن يحرض على الفتنة التي تحرق الأخضر واليابس من شباب بعمر الزهور كان من المفترض أن يوجه لإعادة الأعمار وبناء العراق الذي خربه السيد من أوله إلى أخره وقضى على كل أمل بإعادته إلى حظيرة الدول التي تحترم نفسها بعد أن انتشرت الفوضى والمخدرات والجريمة المنظمة بواسطة مجرمي قوات بدر التي يديرها عبد العزيز الحكيم ومن تبعه؛حيث زجوا بهم في صفوف قوات الشرطة والجيش الحكوميين واستطاعوا أن يفوتوا الفرصة على جماعة مقتدى مما جعلهم يوصفون بأنهم قوات خارجة عن القانون يطالب المالكي والطلباني وموفق الربيعي في اجتماعهم الأخير (بحل المليشيات) التي تعمل خارج نطاق القانون وهي أشارة ضمنية لجماعة مقتدى التي تسمى (بجيش المهدي).
إن الإصرار على نزع السلاح من المليشيات يجب أن يتم وبشكل متوازي على الجميع وليس على جماعة مقتدى دون غيرهم ؛فهناك جماعات متعددة ومتنوعة تديرها القوات الغازية ؛إضافة إلى المليشيات التي تدار من قبل إيران وعصابتهم المنتشرة في طول الساحة العراقية وعرضها؛ ثم البشمركة التي لا ولاء لها للعراق أصلا؛ ناهيك عن مرتزقة بلاك ووتر وغيرها من الشركات التي تسمى بالأمنية وماهي إلا قوات مرتزقة جيء بها لقتل العراقيين وتصفية العلماء والأطباء والمثقفين الذين يعول عليهم في إعادة بناء البلد والرجوع به إلى جزء مما كان عليه؛ناهيك عن المرتزقة الذين تدفع لهم جهات عربية متعددة بقصد أبقاء الوضع في العراق على ماهو عليه؛فمن ياترى من هؤلاء سيتم نزع أسلحته أهو الصدر أم غيره ممن وصفناهم أنفا.
إن العمليات التي جرت في البصرة وفي محافظات الجنوب كشفت عن زيف ماتدعيه الحكومة من رغبتها في السيطرة وانتشار الأمن في ربوع البلاد حين قارعت (جيش مقتدى) بجيش(لايملك أي ولاء للعراق بقدر مايحمله من ولاء لإيران وعبد العزيز الحكيم أي قارعت مليشيات بمثيلاتها بقصد سيطرة إيران ومن تدعم على منطقة البصرة وما جاورها وكلنا يعلم أن من يملك مفتاح البصرة فهو الفائز بكنز كبير لايوصف مما يجعله يتحكم في مستقبل العراق الاقتصادي والسياسي كما هو الجغرافي ؛وبهذا الوصف تحاول الجهات الإيرانية في مايسمى بالمجلس الأعلى من دعم جهود ما يسمى بالحكومة والتي هي بالأساس جهود (قوات بدر) التي هيأها النظام الإيراني على مدى سنين طوال لهذا اليوم ولتلك الساعة التي ستكون وبالا عليهم إن شاء الله.
إن ماجرى في البصرة في تلك الأيام السوداء يؤشر لإمكانية استشراء ظاهرة العنف وعدم السيطرة الحكومية على المدينة الجنوبية وهذا بدوره يؤسس لظاهرة سيطرة المليشيات أكثر من ذي قبل بل وأكثر من أي وقت مضى؛حيث أن الحالة اليوم دخلت في موضوعة الثأر من جماعات الحكيم المتمثلة بالقوات الحكومية التي شاركت في تلك المجازر التي تعرض لها المواطن البصري قبل جماعة مقتدى؛وهذا يؤدي إلى انتشار حالة الرعب والفوضى في الشارع البصري وعلى نطاق واسع لاتستطيع القوات التي قيل أن المالكي بحنكته العسكرية قد أشرف عليها وكلنا يعلم أنه متمرس في إدارة الشؤون العسكرية منذ زمن عتيد حين شارك مع المجموعات الإرهابية في عمليات تفجير السفارة العراقية في بيروت ؛ناهيك عن تفجير مقرات المار ينز الأمريكي في نفس المدينة؛ولهذا فلا تصعب عليه عملية تدمير البصرة لصالح أسياده الإيرانيين قبل غيرهم؛ولتذهب البصرة ومن قبلها العراق إلى الجحيم دون سواه أن أستطاع أن يرضي إيران وسيده الحكيم ومن بعدهم بوش وزبانيته.
القادم من الأيام سيوفر لنا فرصة العويل وليس البكاء على ما سيجري من مقتلة لجماعة الصدر في البصرة وغيرها من المدن العراقية؛وأهمها مدينة الثورة(مدينة صدام)؛(مدينة الصدر) كما يحلوا لأتباع مقتدى تسميتها والتي ستشهد نزيفا مريبا لصالح إيران دون غيرها وببندقية الحكيم.
ومهما جرى فأن الذي يحدث لايعدوا كونه تنازع على أطماع محرمة وسحت حرام؛يتقاتل عليه جميع من يرفع راية القتال سواء من هذا الطرف أو ذاك؛والحق أن كلا الطرفين من صنائع المحتل الإيراني قبل الأمريكي فهذه بدر أنشئت تحت الراية الفارسية وتاريخها في الغدر والخيانة معلوم للجميع؛وما حادثة الذين يحملون صورة الأمام علي كرم الله وجهه ويقطعون الطريق على زائري كربلاء وقتلهم واتهام السنة بها ليتضح فيما بعد أنهم من قذارات بدر التي يديرها الحكيم إلا دليلا على توجهات تلك القوات الطائفية المجوسية ونهجها الدموي؛ثم ميليشيا المهدي التي أسسها المحتل ليسد شواغر معينة حدثت في الحالة العراقية ويعيد بها توازنات الأرض التي يتقاتل عليها الجميع دون أن يربح أحد ليخرج المحتل اليهودي في المحصلة هو الفائز الوحيد دون غيره وينفرد بالغنيمة التي غيب عنها حسابات الفعل المؤثر للمقاومة العراقية البطلة وضرباتها التي أوجعته طيلة الخمس سنين الماضية واضطرته ليعيد حساباته مرات تلو مرات؛وليكون لها الفعل المؤثر في النهاية .
لذلك نقول أن الساحة مواتية لمقتدى ليعيد حساباته الميدانية ويخرج من هذا القمقم الذي يريدونه له كيما يحجمونه وسط الساحة وليدار بأيدي إيرانية صرفة كما فعلوا في السابق؛فهل يعيد حساباته ويقف مع الصف الوطني الشريف بصدق وإخلاص من أجل العراق دون غيره؛وهل يفضح النوايا والتوجهات الفارسية المتمثلة بهؤلاء وهؤلاء؛كما يكشف عن عورة العدو المحتل؛ هل يتعض مقتدى ومن معه ويعود لأحضان الوطن ويسحب البساط من تحت أرجل الحكيم والمالكي ويعرف من أين تأكل الكتف.؟
سعد الدغمان