كمال صقر العروبة المدير العام
عدد الرسائل : 342 العمر : 40 الدولة : الوطن العربي الاوسمة : 05/11/2007
| موضوع: قصة :يوميات طفل مجرم من بلاد حررها الأمريكان الأحد أبريل 13, 2008 6:14 am | |
| سوق قديمة تتناثر على جنباتها اكوام القمامة التي لم يعد احد يكترث لوجودها محلات مقفلة على جانبيه بأقفال حديدية منها ما بقي صامدا ومنها ما كسر وسرق كل ما فيها سماء ملبدة بالغيوم زخات مطر خفيفة باردة تهطل على وجهي كأنها شلالات من الثلج
أسير في هذا الجو القاسي ,,, حافي القدمين لا لأني لم اعرف ماذا يرتدي الناس في أقدامهم حين يخرجون الى الشوارع ولكني فقدت حذائي الجميل الذي اشتراه لي والدي في عيد الأضحى الماضي فقدته بين انقاض البيت الجميل الذي كان يضمني بحنان مع عائلتي ذاك البيت الذي حطمته قذيفة صاروخية من أناس سمعت من الكبار أنهم قد اتو ليحرروا بلدي العراق أسير حافي القدمين لا اعلم لم خطرت أختي اروى على بالي الان اختي اروى التي لم تبلغ بعد التاسعة من عمرها و لن تبلغ العاشرة لا يزال صوت بكائها يكسر حاجز الصمت الرهيب الذي يلف بالمكان الذي امشي فيه بكاء أروى الذي لن يغيب عن بالي كان مختلفا عن بكائها الذي اعتدت سماعه تعودت ان تبكي اروى حزنا على لعبة سرقتها منها ..... او مستجدية لزيادة في المصروف تشتري بها قطعا اضافية من الحلوى تعودت ان تبكي اروى ومن بعد صوت البكاء اعتدت ان لا اسمع الا صدى ضحكاتها تملأ المكان,,,, فرحا بالعائد المجزي الذي حصلت عليه مكافأة لانتهاء عملية البكاء تلك ....... كيف كانت تبكي اروى في المرة الاخيرة .....
لقد سمعتها تبكي منادية ابي ابي ابي ...... كان ابي يسلم انفاسه الاخيرة تحت جدار غرفة النوم الذي قبع فوق صدره هي كانت تحت جدار اخر ..... اما انا فان الاقدار شاءت ان يطلب مني المرحوم والدي ان اذهب لبيت عمي كي اتاكد من خبر اسقاط ثلاث مروحيات امريكية في الكوفة...... لم يكن لدينا في البيت ذاك الاختراع الذي يسمونه تلفازا ..... كان عمي قد اشترى واحدا من فترة قريبة .... اما انا فلقد اعتدت على ان اركض الى بيت عمي حاملا على اطراف لساني موجزا لاهم الانباء انقله لوالدي المقعد من ايام الحرب مع ايران لا يزال صراخ اروى يخترق الصمت القاتل المحيط بي تنادي باعلى صوتها يابا يابا يابا يابا ومن ثم ........ و على غير المعتاد لم تتبدل تلك المناداة والبكاء الى ضحكة كما حدثتكم عن اروى وبكائها من يومها صمتت اروى ....... لم اسمع صوتها منذ ذلك اليوم هذه قصتي ........ نعم انها قصة تروى الاف المرات لالاف الاولاد في عراق الحرية .......العراق الجديد .... عراق الديمقراطية ارجوكم يا سادتي لا تطلبو مني ان ابحر في عالم ذكرياتي المؤلمة لاني لن استطيع لا استطيع في هذه اللحظة الا ان افكر بكسرة من الخبز تتركني على قيد الحياة ...... اشعر بان الجوع يكاد يقتلني ارى رجلا يحمل رغيفا من الخبز الساخن ,,,, رائحته تصل الى انفي ,,, تزكي نار الجوع في جوفي ,,,,, - يا عم يا عم ...... هل لي بقطعة من الخبز الساخن الذي تحمله ؟؟ - ابتعد عني يا شحاد ..... وهل الرغيف الوحيد الذي امسكه بين يدي يكفي كي يسد جوع اطفالي ..... اذهب وقل لاهلك ان يعملو ويشترو لك ما يسدو به رمقك قالها وهو ينفث سحابة من البخار الابيض امام فمه لم يترك لي المجال كي اقول له اني يتيم لا اب لي ولا ام ولا اخوة لقد قتلتهم حرية العراق ...... ..... لعلي اعذره ,,,, فلقد تعلمت ان الخبز في العراق الجديد لا يصنع لامثالي من المساكين
اقتربت الساعة من الخامسة والنصف .,,,, وبطني الذي التصق بظهري لا يزال خاويا ,,, تابعت طريقي ,,,,,, اصوات رصاص المقاومين الابطال ملأت جنبات المكان اختبأت في زاوية ضيقة من الشارع كي لا اكون هدفا لرصاصة طائشة لا اريد ان اصبح خبرا يسمعه الناس في القنوات الفضائية ...... اريد فقط ان احصل على كسرة من الخبز .... كسرة من الخبز فقط ,,,,,, كم هم ابطال ..... انهم رجال بالفعل ..... ليتهم يقتلون كل جنود امريكا ...... ليتهم يثأرون لموت والدي واختي اروى ..... لا اريد ان اذكر امي ...... لان قلبي يتقطع حين اذكرها صوت انفجار مدو يهز المكان وصيحات التهليل والتكبير تملأ جنباته الله اكبر ..... الله اكبر ..... الله اكبر ....... اختفت اصوات الرصاص ركضت فرحا مستبشرا ..... نسيت الجوع ....... نسيت التعب ....... نسيت البرد ...... نسيت اني حافي القدمين ...... نسيت اني في ثوب مهترئ مهلهل ....... ركضت بسرعة ....... الى حيث صوت التكبير ...... ها انذا اقترب ...... رجال ملثمون يرقصون قرب شيئ ضخم محترق لا اعرف ان كان سيارة او دبابة لانه قد نسف تماما بمن فيه ........ قبل لحظات كنت اتكلم مع الرجل صاحب الرغيف بصوت خافت ...... لكن صوتي الان يصل على ما اظن من مركز مدينة الفلوجة حيث انا الان الى حيث يقبع المحتلون في المنطقة الخضراء من الفلوجة للكوفة هذا الوطن ما نعوفه ......... هذا الوطن ما نبيعه اخوان سنة وشيعة .......... بالروح بالدم نفديك يا عراق كم هي ابتسامة غريبة تلك التي ارتسمت على شفاهي وعلى شفاه العشرات من الناس الذين اجتمعوا معي حول الالية المحترقة لا انها ليست ابتسامة رضا .... ولا هي ابتسامة فرح ..... ربما قد تكون ابتسامة الانتقام ......لا اعلم ولكني الان ابتسم تخيلو طفلا في الحادية عشرة من عمره مات والده ماتت امه ماتت ارواه وما زال يبتسم انتبهوا انتبهوا طيارة الكـ ** تحلق في السماء .......... ركض كل منا في اتجاه خوفا من صاروخ تطلقه طيارة الكـ ** كما سماها الابطال ...... ركضت باسرع ما استطيع ........ الهواء البارد يضرب وجهي كانه السكاكين ........ سقطت على الارض ....... شيء ساخن يغطي صدري ....... انه الدم ........ من اين يأتي .......لا اعلم ولكني على الارض الان .......لا اشعر باي الم يجتاحني ولكني لا زلت انزف دما ,,,,,,, سخونة الدم تدفئ صدري .,,,,, اه كم اشتقت للدفء ,,,,, اه كم اشتقت لحضن امي .,,,,,,,,, اه انها هي ,,,, نعم انها امي ,,,,,,, ارى خيالا لامي ينير سحابات الشتاء السوداء التي كلمتكم عنها ,,,,,,, ها هي تفتح ذراعيها كي تحتضنني ....... ابي الى جانبها .... اختي اروى تلعب في ساحة خضراء فيها كل الالعاب ...... انا اطير ..... نعم ..... انا اطير الان اطير متجها الى حضن امي ....... لم اعد اشعر بالجوع ...... لم اعد اشعر بالبرد ...... اشعر بالشوق كي اصل الى امي ..... ها انذا يا اماه ..... واخيرا وجدتك يا امي ...... ضحكات اختي اروى تملأ المكان ...... رائحة ابي التي اشتقت اليها تملأ انفي امي وابي واختي اروى ,,,,,, انا الان معكم الساعة التاسعة والنصف ........حصاد اليوم ,,,,,,,, قصف امريكي جوي على الفلوجة ادى الى مقتل طفل في الحادية عشر من عمره واصابة ثلاثة رجال بجراح .... تفاصيل الانباء ................
| |
|