سعد الدغمان نائب المدير
عدد الرسائل : 206 العمر : 58 الاوسمة : علم الأمة الموحد : 20/02/2008
| موضوع: لماذا تأخر انتصار المقاومة العراقية؟ السبت يونيو 07, 2008 2:23 am | |
| لماذا تأخر انتصار المقاومة العراقية؟ | التاريخ:24/05/1429 الموافق 29/05/2008 |القراء:2391 | نسخة للطباعة
الاسلام اليوم / "الورطة العراقية وكيفية الخروج منها" هي الشغل الشاغل للإدارة الأمريكية الحالية، والتي تعمل جاهدة من أجل الخروج من هذه الورطة قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم، من أجل إنقاذ الجمهوريين في الانتخابات القادمة، ومضاعفة فرصة فوزهم، والتي يلعب فيها العراق دورًا كبيرًا في اهتمامات الناخب الأمريكي، كما أن الحرص الأمريكي على حل المأزق العراقي مرتبط بتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة والسيطرة عليه. وقد جاءت هذه القناعة الأمريكية بعد تحليل التقارير المستمرة والمتواصلة عما يواجهه الوجود الأمريكي في العراق. والمتابع الدقيق لما يحدث في الساحة العراقية سيصل إلى ما وصلتْ إليه الإدارة الأمريكية والخبراء الأمريكيون، ولن يكون مبالغًا إذا قال: إن المقاومة العراقية كادت تحسم المعركة مع المحتل الأمريكي وأعوانه الذين يأتمرون بأمره، وينفذون مخططاته، والذين لن يستطيعوا البقاء في أماكنهم إذا رحل هذا المحتل، وكادت هذه المقاومة أن تحقق النصر وتلحق الهزيمة المحققه بقوات الاحتلال، لولا اختراق الصفوف الذي يجيده الأمريكان، ولولا اختلاف فصائل المقاومة فيما بينها. فالأمريكان أدركوا ماسيترتب على فشلهم في العراق، وتداعياته على "إمبراطورية الشر" وعلى حلفائها الغربيين بلا استثاء، ومن أجل الهروب من هذا المأزق الخطير لم يجد الأمريكان أمامهم إلا أساليب المخابرات، والالتواء، والوقيعة، والتجنيد، والاستمالة، والوعود. فما حدث على الأرض يؤكد أن ما عجزت القوات الأمريكية عن تحقيقه بآلتها العسكرية الجبارة والمتطورة، وما تجيد ممارسته من البطش والاغتصاب والاعتقالات، استطاعت أن تنجح في تحقيقه عبر عملياتها "القذرة" من خلال تجنيد البعض- سواء بعلمه من خلال المال الذي يقبضه، أو بغفلته وسذاجته- كي يعمل لصالح المشروع الأمريكي، وضد مشروع المقاومة والتحرير. خطة إدارة بوش تعتمد على اللعب الاستخباراتي على الشيعة والسنة والأكراد في وقت واحد؛ لكي تقضي كل طائفة على الرافضين فيها للمشروع الأمريكي.
أخطاء القاعدة
فعلى مستوى تنظيم القاعدة، لايمكن لأحد أن ينكر الخسائر التي كبَّدها التنظيم لقوات الاحتلال الأمريكي، إلا أنه ارتكب خطأين كبيرين لا يمكن التغاضي عنهما وهما: تبنى عمليات كثيرة ضد المواطنين العراقيين المدنيين وفق منهج طائفي، ثم إعلان مايسمى "دولة العراق الإسلامية"؛ لينتقل التنظيم في مرحلهٍ لاحقة إلى مقاتلةِ فصائل مهمة من المقاومة، بحجة وجوبِ بيعة دولة العراق الإسلامية. ما يمكن أن نسجله في أمر القاعدة والاحتلال الأمريكي هو أن إعلان القاعدة لدولة العراق الإسلامية أعطى دعمًا إضافيًا، ومبررًا جاهزًا للمحتل في البقاء، كما أننا لا يمكن أن نستبعد الجهد الاستخباري الأمريكي فيما حدث بين القاعدة وفصائل المقاومة من مواجهات، أو على الأقل نشك في الأمر، ونؤكد أن هناك أياديَ خفية عملت من أجل الوصول لهذه النتيجة. وتقوم الخطة الأمريكية بشأن القاعدة على أساس الاختراق إن أمكن، فإن لم يكن ذلك ممكنًا يتم توظيف بعض العشائر العراقية وبعض الجماعات ضد التنظيم. أما بالنسبة للأحزاب والتيارات المختلفة واختراقها أمريكيًّا، فلم يعد الأمرُ خافيًا على أحد، فما كان من أعضاء "مؤتمر لندن"، وما فعلوه في العراق، وامتداداتهم إلى مجلس الحكم سيئ الصيت، كل ذلك لا يبقي شبهة في اختراقهم وتعاونهم الكامل مع الأمريكان، وفي مقدمتهم "حزب الدعوة"، و"المجلس الأعلى للثورة الإسلامية". بل إن مجمل التنظيمات والأحزاب الشيعية غير بعيدة عن السيطرة الأمريكية، فليست في حاجة إلى الاختراق؛ لأنها متعاونة بالكامل مع المشروع الأمريكي، بما فيها التيار الصدري وجيش المهدي! وهكذا، فإن الحديث عن جيش المهدي ضمن إطار الاختراق الأمريكي غير بعيد عن تاريخ هذا الجيش، والدور الذي حدَّدَه لنفسه، وحدده له الآخرون. فقد أُنْشِئ هذا التنظيم في عملية استخباريةٍ إيرانية بحتة، وبِغَضّ النظر عن المعلومات التي كشفت عن تدريبات مجموعات من هذا الجيش في إيران وجنوب لبنان، إلا إن مجازره البشعة بحق العراقيين تم تنفيذها، ضمن خطة منظمة ومبرمجة ليست بعيدةً عن العين الأمريكية، بعد تفجير "مرقدي سامراء"؛ لأهداف استخبارية، الغرض منها إشعالُ الفتنة على نطاق واسع- بعد أن أصبحت قوات الاحتلال في وضع لاتحسد عليه-، وبالتالي فقد أثر ذلك على نشاط المقاومة بشكل كبير، وخاصة في بغداد والمناطق المختلطة، بعد أنْ أدَّتْ تلك العمليات إلى الفرز المناطقي الطائفي؛ لتصبح عملية تحرك المجاهدين، صعبة وليتحول جهد كبير منها لصد هجمات المليشيات، مع غَضِّ الطَّرْف الأمريكي وتشجيعه من أجل الضغط على أهل السنة واستمالتهم. وعليه، فإن المشروع الأمريكي قد استدار- حسب الخطة الأمريكية- تُجَاه مقتدى الصدر وجيش المهدي، بنزع سلاحه، والإصرار على تحويله إلى فصيل سياسي فقط يشارك في العملية السياسية. ولذلك، فلم يكن غريبًا أن ينقلب المالكي على التيار الصدري وجيش المهدي، ويصف تصرفات مليشيا جيش المهدي في البصرة بأنها " أسوأ مما يفعله تنظيم القاعدة"، وأن التنظيمين "يسعيان إلى إفشال العملية السياسية في البلاد"، وأن يحذر من "تحول البصرة إلى ساحة نفوذ للعصابات المنظمة وغير المنظمة".
وحدة السنة ضرورة
والتكوينات السنية هي الأخرى أصابها التمزق، ولم تكن على قلب رجل واحد، مما وقف حائلًا أمام وحدة الموقف السني، وبالتالي فرض الأجندة والمصالح السنية على الاحتلال وأعوانه، مما نتج عنه تهميش السنة الذين كانوا الضحية الأولى للاحتلال وما نتج عنه. فالمراقبون السنة يتحدثون عن أن "الحزب الإسلامي" السني لم ينجُ هو الآخر من الاختراق الأمريكي، وأن سنة العراق لا ينسون دوره السلبي في معركة الفلوجة الأولى، والتفافه على المقاومين، وتسويقه للعملية السياسية الصورية والخادعة. وبالنسبة لما يسمى بـ"الصحوات"، فإن الأمر ليس إلا التفافًا على حاضنة المقاومة وحصارها، مما أنتج هذا السلوك والانحراف المنظم من خلال توظيف عناصر في فصائل تم تجنديها لهذه اللحظة، وكي تؤسس قوة تحولت إلى دروع وخَدَمٍ لقوات الاحتلال. وحتى "جبهة التوافق"، لم تَسْلَمْ هي الأخرى من انتقاد الشارع السني، بعدما تحدثت التقارير، التي لم تكذبها الجبهة، عن خلافات داخل الجبهة نتيجة القديرات السياسية للتعامل مع المناصب والوزارات التي يُلَوِّحُ المالكي لهم بها، نيابة عن الاحتلال. أما الحزبان الكرديان فإنهما الأشهر والأكبر والأوضح في الارتباط بالمخابرات الأمريكية، ومشروع الاحتلال الأمريكي، بل وبالموساد أيضًا، خاصة بعد اعتراف أكثر من مسئول من الحزبين بهذه العلاقه بشكل او آخر.
هل المصالحة ممكنة؟
بعد الواقع الذي أوضحناه، والذي يؤكد أن اللعبة بالكامل في يد المحتل الأمريكي وقواته وأجهزة مخابراته، يأتي المؤتمر الذي تستضيفه القاهرة الشهر المقبل، والذي تقول عنه مصادر الحكومة والبرلمان العراقي: إنه يأتي لمناقشة قانون المصالحة، وكاجتماع تحضيري لمؤتمر بغداد الثالث للمصالحة. وسيكون المؤتمر مصغرًا بمشاركة عدد محدود من الشخصيات السياسية، وسيخصص للاتفاق على أجندة موحدة للمصالحة، والوصول إلى رؤية بين مختلف الأطراف ومناقشة قانون المصالحة الوطنية، وسوف يسبق المؤتمرَ مؤتمر بغداد الذي سيرعاه المعهد الدولي للحوار الدائم، والمعهد الدولي للسلام الديموقراطي، بمشاركة شخصيات أجنبية لها تاريخ في بناء المصالحات الوطنية. ويرى الْمُنَظِّمون للمؤتمر أن المشاركة في مؤتمر القاهرة ستتيح الفرصة لإعادة الاتصال مع الجامعة العربية، وفتح خطوط التواصل في شأن تفعيل مبادرة الجامعة للوفاق الوطني. وكان آخر مؤتمر للمصالحة الوطنية قد عُقِدَ في بغداد في آذار (مارس) الماضي برعاية الحكومة العراقية، بغياب عددٍ من القوى السياسية، أبرزها "جبهة التوافق"، و "القائمة العراقية"، و"جبهة الحوار". فهل سينجح مؤتمر القاهرة في هذه المصالحة؟ وهل يملك المشاركون الإرادة اللازمة لإقرار هذه المصالحة؟ أم أن إرادات القوم سوف تنكسر أمام إرادة المحتل الأمريكي الذي لا يريد المصالحة، وإنما يريد إقرار المخطط الذي تحدثنا عنه، وهو صياغة كل الطوائف وفق الرؤية الأمريكية؛ لكي تعمل جميعها لخدمة مشروع الاحتلال. وهل يُضَحِّي المتعاونون مع الاحتلال، الذين فازوا بالمناصب والغنائم والأموال والأضواء، بكل هذا الميراثِ من أجل تحقيق المصالحة، التي تعني إنصاف السنة، والتخلي عن مشاريع التقسيم والفيدراليات في الشمال والجنوب، والوصول إلى عراق موحد وغير طائفي، ومحرر غير محتل؟! |
هذا ليس في حساب المحتل ولا في حسابات من باعوا شرفهم وأرتضوا أن يكونوا أدوات للخيانة سعد الدغمان | |
|