هل نشهد ولاية بوش الثالثة...؟
سينتاب الكثير من القراء الدهشة عند قراءة العنوان؛حيث أن المعلوم لدى الجميع حول القانون الأنتخابي الرئاسي الأمريكي أنه لايحق للرئيس الذي فاز بدورتين رئاسييتين أن يرشح لولاية ثالثة؛ ولكن عنجهية بوش الحالي الرئيس الأمريكي المجرم بكل المقاييس والذي لم تشهد الدنيا خرقا للقوانيين الدولية وإرتكاب الجرائم بحق الأنسانية أكثر من عهده وإدارته فاقت الوصف حتى أن مجازر راوندا المعروفة ومجازر الكيان الصهيوني يحق أهلنا في فلسطين ولبنان لاتشكل شيئا عند المقارنة بما اقترفه بوش وإدارته وقواته بحق العراقيين وبمختلف أطيافهم.
يمهد بوش الأن وفق السيناريو الجديد الخاص بتمديد ولايته عبر الدعوة لأستمرار إستراتيجيته الدموية المطبقة في حقل التجارب العراقي منذ خمس سنوات مضت ولحد الأن وهو ما يحاول من خلال الأتفاقية الأمنية المزعومة والتي يدعوا لتوقيعها مع الحكومة العراقية الحالية والتي نصبها من خلال مايسمى بالأنتخابات التي جرت تحت الإحتلال لتكبيل هذا البلد ولسنين طوال ورهن مصيره بإدارة البيت الأبيض ؛كما يعرض مستقبل أجياله للوصاية الأمريكية والتي لافكاك منها ربما لقرون.
جوهر تلك الأتفاقية هو إنشاء خمسين قاعدة عسكرية أمريكية ثابتة في العراق وهذه القواعد حسب رأي جهة إعلامية عربية تفوق عدد المحافظات التي يتكون منها الوطن العراقي؛ناهيك عن صعوبة التخلي عنها كون إن إنشاءها سيكلف الولايات المتحدة بلايين الدولارات؛كما أنها تحتاج الى قوات يكثر تعدادها لإدارة المنشآت التي توجد في هذه القواعد ولسد الفراغ فيها؛ كما أنها تعد سبيل لأستمرار تلك الأستراتيجية وعدم مخالفتها لمن لا يؤيده في هذا التوجه(الحزب الديمقراطي وأركانه)؛أي إنها بمعنى أدق هي وسيلة لأحراج ()أوباما) ومؤيده؛والأبقاء على نظرية القطب الأحادي في السياسة الدولية؛كون أن بنود الأتفاقية تؤسس لعدم التخلي عنها وتجعل من الالتزام بها أمرا مفروغا أمام القادم الجديد للبيت الأبيض؛أي فرض سياسة الأمر الواقع على الخصوم السياسيين؛مما سيؤدي بالمقابل الى تقوية الجانب الأخر المتمثل بالمرشح الجمهوري (ماكين) وزيادة حظوظه الأنتخابية ويولد وبشكل آلي أستمرار لأستراتيجية بوش التي تعني حسب نظرية الاستعاضة أن مابدءه بوش سيكمله ماكين؛وهذا بدوره يؤسس لولاية ثالثة لبوش لكنها ستطبق بل سينفذها (ماكين الجمهوري) أو النسخة الأخرى لبوش.
إن الأتفاقية المزمع عقدها بين طرفين متناقضين هما الولايات المتحدة الأمريكية بما تملكه من عنجهية وقوى ظالمة طاغية متجبرة وسيطرة تامة على العراق وما فيه بأستثناء الساحة التي تنفرد بها المقاومة العراقية الباسلة قولا وفعلا وتأثير دفع المحتل الأمريكي يفكر في سبيل للخلاص مع الأحتفاظ بما يحصل عليه من غنائم من حرب بدأت تكلفتها البشرية والمادية تسجل أعلى مستويات لها بالمقارنة مع الحروب التي خاضتها أمريكا على مر القرنين الأخيرين اللذان نشأت فيها وأصبحت دولة لها كيانها حتى أنفردت في قيادة العالم وفق الطريقة الشريرة التي نشهد؛ولو كان هناك من خير في هذه الأتفاقية لما أعتمدت نظام ما وراء الكواليس لأغراض مناقشتها ولأفصح عنها القائمين عليها وأعلنت على الملآ طالما هي تسير في السليم ولايخشى من بنودها وخلفياتها الشريرة على المستقبل العراقي؛ثم أن كل شيء يعمل في الخفاء هو عمل غير شرعي؛ولو كان غير ذلك لأظهر وأعلن عنه بكل وضوح وتحت ضوء النهار؛من هنا نفهم ماذا تريد الولايات المتحدة عبر تلك الأتفاقية المشؤومة (حلف بغداد الجديد) الذي تغيرت فيه الوجوه ليس إلا بفعل الزمن الذي غيب الباشا؛ليأتي المالكي وينفذ ماكان للباشا أن يعمل حينها ولكن إرادة العراقيين عطلت الفعل المشين للباشا أيامها وهي قادرة إن شاء الله على تعطيل دور المالكي اليوم ومن وراءه أمبراطورية الشر الأمريكية.
تلك الصورة ستؤسس لفكرة الدفاع عن المصالح الأمريكية في العراق المتمثلة في تمسك الجمهوريين بهذا الرأي مقابل الرفض الواضح لتواجد القوات في هذا البلد والأصرار من قبل الديمقراطيين يمثلهم مرشحهم أوباما على سحب تلك القوات فور الفوز بالرئاسة وهذا السجال سيخلق الكثير من الفرص المساندة لماكين مقابل خسارة الديمقراطيين لفرصهم في الترشيح.
وقد يطرح على الجانب الاخر سؤال ملح جدا أو وجهة نظر أخرى تقول ماذا لو ايقين الرئيس بوش أن حظوظ شبيهه الجمهوري المرشح للرئاسة قليلة أو معدومة وغير قادرة على حسم الفوز لصالحه وحزبه مما يعني ضياع أستراتيجيته العدائية المعلنة حينها والكلام لخبراء السياسة الدولية سيلجىء حينها الى عملية ضرب إيران وهذه العملية بدورها ستخلط الأوراق أمام( أوباما) الديمقراطي وتجعله رهنا للتصورات التي تفرضها المرحلة والتي تتطابق مع تصورات بوش الحالية والمستقبلية كون أن مثل هذا التصرف سيؤدي الى نتائج مادية وسياسية لاتخرج عن الأرتهان لتصورات الإدارة الحالية؛وسواء أكان المرشح ديمقراطي أو جمهوري لايعدو كونه أستمرارا لسياسة بوش الأجرامية على مستوى العالم؛أي بما معناه إننا سنشهد فوز بوش بولاية ثالثة لكنها بوجوه مختلفة.
سعد الدغمان