عزالدين القوطالي عضو ذهبي
عدد الرسائل : 113 العمر : 56 12/12/2007
| موضوع: البعث والديمقراطية الجمعة يونيو 13, 2008 5:14 am | |
| البعث والديمقراطية مركز بغداد لدراسات الوحدة العربية الكثير من يصف حزب البعث العربي الاشتراكي، بانه حزب دكتاتوري لا يؤمن بالديمقراطية ولا بالتعددية. وهذا الاتهام، يقوم على جهل العديد من المسلمات التي رافقت نشوء الحزب لحين استلامه السلطة في العراق.
فقد نشأ حزب البعث في السابع من نيسان من عام 1947 في جو كان فيه العمل الوحيد هو التحرر من الاستعمار الذي كان مسيطرا على الوطن العربي. وهذا ليس مسلك حزب البعث فحسب، بل كان مسلكا لكل الحركات التحررية في الوطن العربي وفي العالم أجمع، من الحركة الشيوعية والقومية والوطنية. فهؤلاء جميعا يعملون على التخلص من الاستعمار وإنقاذ المواطن العربي من الهيمنة الاستعمارية وتحرير الثروات الوطنية. ولم تكن هناك أحزابا ولا دولا تؤمن بالديمقراطية او تتبناها في تلك الفترة، بل يمكننا القول، انه لا توجد دولة أو حزب في الوطن العربي، ممن يؤمن بالديمقراطية حتى الوقت الحاضر.. وان ما يطبق في العراق في الوقت الحاضر من ديمقراطية من قبل الأحزاب الموجودة لا تؤمن جميعها بالديمقراطية، ولا تنص دساتيرها على ذلك.. وانها جاءت للسلطة وهي تريد ان تقضي كل منها على الآخرين.
ولم يحدد النظام الداخلي للحزب شكل النظام السياسي الذي يتبناه عند استلامه السلطة، انما ترك ذلك للظروف القائمة عند استلام السلطة. فلم ينص على تبني الديمقراطية أو الدكتاتورية أو غيرها..
- بيئة الديمقراطية
من اجل أن تطبق الديمقراطية بشكلها الصحيح فلابد من توافر بيئة صالحة لاستقبال الديمقراطية، وتقوم هذه البيئة على ما ياتي:
• إسقاط نظرية الحق المطلق والباطل المطلق، في العلاقة بين الفرقاء؛
• احترام الرأي الآخر؛
• عدم التوسل بالقوة والعنف لحل الخلافات؛
• الاحتكام إلى رأي الناس، صندوق الاقتراع؛
• المصلحة العليا، فوق أي اعتبار أو مصلحة أخرى؛
• الإقرار بالتعددية الفكرية والسياسية والاثنية؛
• لا احد بإمكانه أن يدعي الأفضلية على الآخرين؛
• لا يمكن أن تمارس الديمقراطية بشكلها الصحيح ما لم تسبقها الوطنية؛
• الديمقراطية لا تعني سحق الأقلية؛
• نشر ثقافة التسامح؛
• قبول الآخر، واحترام آراء الجميع؛
• إن حق الترشيح والانتخاب يجب أن يكون متاحاً بصورة واسعة النطاق وأن كل صوت يجب أن يكون مساوياً للآخر؛
• تشجيع إقبال الناخبين على الاقتراع؛
• أن يتمتع الكلام السياسي بالكثير من الحرية؛
• منع الأكثرية من سحق الأقلية والقضاء عليها؛
• نزاهة الانتخابات؛
• فهم الناس للديمقراطية؛
• أن يكون تطبيق الديمقراطية بقرار وطني داخلي؛
• أن تسبق الديمقراطية مؤسسات الديمقراطية كالأحزاب والجمعيات؛
• الخبز قبل الديمقراطية فالجوع يتنافى مع الديمقراطية.
وهذه البيئة غير متوافرة لا في العراق ولا في أية دولة عربية اخرى.
- جهود البعث في تطبيق الديمقراطية
على الرغم من عدم إدراك الحركات الثورية لمسألة الديمقراطية، فقد خطا حزب البعث العديد من الخطوات نحو التفاعل مع كل الجماهير.. فسعى أولا الى تحقيق الديمقراطية داخل التنظيم. من خلال انتخابات نزيهة لقياداتها بمختلف درجاتهم. ثم تحول نحو آفاق العمل الجماهير الوطني.. فتحول من الحزب الواحد الى الحزب القائد، الى الديمقراطية الشعبية القائمة على التنظيمات النقابية، الى الدخول في مدرجات العمل الديمقراطي.
وبعد استلام الحزب السلطة في العراق في ثورة 17- 30 تموز عام1968 عمل حزب البعث أولا وقبل كل شئ على أشرك العديد من الحركات السياسية والمستقلين في مجلس الوزراء.. وبعد قيام الجبهة القومية والتقدمية أشرك العديد من الأحزاب في مجلس الوزراء، من الأكراد والشيوعيين والحركات القومية الأخرى على الرغم من موقفها المعادي للحزب وللثورة. غير ان هذه التجربة فشلت لا بسبب من قبل الحزب، بل من قبل الإطراف الأخرى، لمخالفتها بنود الاتفاق ولأنها لا تؤمن بالديمقراطية.
وكان فكر الحزب في تطبيق الديمقراطية في العراق، أو في أية دولة في العالم تتطلب متطلبات الديمقراطية وفي مقدمتها الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية وفهم وإدراك المواطن وتقبله للرأي الآخر.
وفي عام 1970 صدر الدستور المؤقت لجمهورية العراق. ونص بشكل صريح على إقامة نظام ديمقراطي في العراق وإنشاء احزاب وطنية. وضمان حرية الرأي والصحافة.. وشكل المجلس الوطني الذي لم يكن حكرا على البعثيين. فكان عدد المستقلين فيه اكثر من عدد البعثيين. وشهد الجميع من منظمات وشخصيات دولية بنزاهة انتخابات المجلس الوطني. ونحن لا نقول ان تأسيس المجلس الوطني عمل ديمقراطي رائد، بل نقول انه خطوة نحو التطلع إلى نظام ديمقراطي.
ومنذ فترة السبعينيات إلى يوم الاحتلال الأمريكي لم يمر العراق بفترة استقرار يمكن فيها تطبيق الديمقراطية.. فالحرب في شمال العراق كانت مستعرة لإسقاط تجربة العراق بمساعدة إيران وإسرائيل والغرب، وبعد اتفاقية الجزائر عام 1975 بدأ العراق في تنفيذ الخطة الانفجارية في التعليم والصناعة لاقامة مجتمع قادر على فهم الديمقراطية وإدراكها أهدافها.. ومنذ عام 1979 بدأت إيران الإسلامية بضرب الحدود العراقية وتهديدها باحتلال العراق. ثم الحرب على العراق عام 1980 التي استمرت فترة ثمانية سنوات.
وبعد وقف القتال بموجب قرار مجلس الامن 598 عام 1988 عملت القيادة على تنضيج فكرة تطبيق الديمقراطية في العراق على الرغم من الانشغال باصلاح ما دمرته الحرب.. فعقدت العديد من الندوات والمناظرات لترويج الديمقراطية وإدراك مفهومها.. ثم صدر قانون الأحزاب في العراق ليكون باكورة الديمقراطية..
ولم يدوم استعداد العراق للدخول مجال تطبيق الديمقراطية أكثر من سنتين، لتكون الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق عام 1991.. التي دمرت فيها كل مؤسسات الدولة.. وفرض الحصار لمدة ثلاث عشرة سنة.. وهو حصار يعرفه الجميع.. إن لم نقل انها حرب مستمرة دمرت الإنسان والأرض وشلت كل مؤسسات الدولة وحرمت العراقيين من لقمة العيش والتعليم.. فلم يعد التفكير بالديمقراطية اكثر من التفكير بتوفير لقمة العيش..
- الواقع العربي والعراقي في واقع الديمقراطية
• المجتمع العربي، وهو اقرب إلى مجتمع ما قبل المدني». فلا تزال الطائفية العشائرية والتسلط وفرض الرأي هي السائدة في الوطن العربي على الرغم من قيام الدولة الحديثة؛
• على الرغم من قيام الثورات في عدد من الدول العربية إلا أن هذه الثورات لم تطبق الديمقراطية؛
• أن شعوب هذه الدول غير قادرة على فهم معنى الديمقراطية؛
• أنها تعاني من التخلف والفاقة؛
• عدم الاستقرار؛
• كثرة التحديات الخارجية التي تواجهها؛
• رغبة بعض قادة هذه الثورات الاستئثار بالسلطة؛
• إهمال الحدود السياسية التقليدية للوحدات الدولية بسبب أن العلاقة بين التجارة والتقنية والتخوم السياسية التي كانت لردح من الزمن عاملا من عوامل الحروب صارت مخترقة؛
• إحلال ما يطلق عليه عصر ما بعد العولمة العمل العسكري محل الإجراءات الاقتصادية، فالمدخل الاقتصادي كان الطابع الأساس لعصر العولمة، وبدلا من الدعوة لإعادة هيكلة اقتصاديات العالم على قواعد تحرير التجارة وقوانين السوق، واستخدام آليات مناطق التجارة الحرة، وإزالة الحواجز والحدود والقيود أمام حركة السلع والمال، احتل العمل العسكري مكانة شبه مطلقة في إعادة صياغة نظام الهيمنة الجديد؛
• خطر الإرهاب الذي برز بعد الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001، ومبني وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في واشنطن، والتداعيات التي وقعت بعد ذلك. أصبح وسيلة للتدخل والقتل والتدمير؛
• ترتبط الدول بالشركات المتعددة الجنسيات. بشروطها القاسية أو أن تقبل بالفكرة الثانية التي طرحتها الجمعيات الأهلية. والقاضية بتنمية مؤسسات المجتمع المدني لكي تصبح شريكا فاعلا في التنمية جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص. وهنا يزداد ضعف الحكومات المركزية المنتخبة عن طريق الديمقراطية على حساب تزايد قوة الحكومة العالمية الصاعدة والممثلة في الإدارة المركزية للاقتصاد العالمي؛ فتكونت العديد من الجمعيات والمنظمات الممولة من قبل الولايات المتحدة.
• القبول بالدولة البديلة لكي تحل محل مفهوم الدولة القومية. وتصبح فكرة الدولة البديلة من خلال تحليل وشرح مجموعة من المفاهيم والمصطلحات المستخدمة في أدب العولمة وتداعياتها وانعكاساتها. وهذه المصطلحات هي الدولة والوطن والمواطن والحكومات العالمية والمجتمع المحلي. هذا يعني أن المواطن العادي لا يدخل في هذه المعادلة. وتعمل المؤسسات الدولية على التأثير في الانتخابات بما يحقق رغباتها. أي أن الدولة أصبحت بدون مواطن؛
• التدخل السافر في صياغة ثقافات وقيم ومعتقدات العالم، وفق معايير أحادية صرفة. وتجاوزت الإدارة الأمريكية بذلك الحدود كلها في التعامل مع الثقافات والحضارات والعقائد والأفكار المغايرة، ودخلت مناطق محظورة وحساسة، لتجاهلها التركيب النفسي والوجداني والمعنوي للأفراد والجماعات والشعوب؛
• تدهور الروح الوطنية والشعور بالمواطنة، وانخفاض حب الوطن والتعصب له والدفاع من أجله، والإخلاص له والحنين إليه. واحلال الطائفية والتعصب لها محل الوطنية؛
• الاعتماد على الإجراءات الاستثنائية، وقوانين الطوارئ، وهي إجراءات وقوانين كانت وما زالت منتشرة في بلدان العالم الثالث، وكانت تتخذ في عصر العولمة مبررا للتدخل في الشؤون الداخلية للدول. هذه الإجراءات لم تتخذ لمواجهة أوضاع داخلية، إنما اتخذت لمواجهة العالم الخارجي، وحشد الطاقة الأمريكية للعمل ضده؛
• تقنين العدوان على الغير، وأصبح القانون الأمريكي هو الحاكم لقوانين العالم، وقانون القوانين، فضرب عرض الحائط سيادة الدول وبحق تقرير المصير والديمقراطية والقوانين الدولية والمحلية المخالفة، وهذا أعطي عصر ما بعد العولمة مضمونا أضفى الشرعية على العدوان الخارجي إذا كان مصدره أمريكيا، وتغاضى عن ملاحقة جماعات العنف القوية التي تمارس إرهابها في داخل الولايات المتحدة؛ التدخل المباشر لفرض نظم سياسية بمقاييس أمريكية خالصة، وفتح النجاح المرحلي للحملة الأمريكية البريطانية على أفغانستان بابا واسعا أمام هذا النوع من التدخل، وهناك أهداف تحددت للتدخل لإسقاط نظم حكم بعينها، وكلها تقريبا نظم عربية وإسلامية، والتدخل، الذي بدأ بأفغانستان، تواصل بتصفية السلطة الفلسطينية، واحتلال العراق؛
• هيمنة المصالح الأمريكية على العالم. فقد أصدر الكونغرس الأمريكي قانونا يجيز للمدعي العام الأمريكي بان يرفع دعوى ضد اية حكومة تتخذ قرارا يضر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يعني أن الاختصاص القضائي الأمريكي يسري على جميع دول العالم، وان الخضوع للمحاكم الأمريكية لا تحده الحصانات والامتيازات التي تتمتع بها الدول؛
• بالنظر لما تملكه الولايات المتحدة من مؤسسة إعلامية هائلة تنتشر في العديد من دول العالم بما فيها الوطن العربي. فان هذا الإعلام يؤثر في ذوق المواطن وفي اختيار السلطة التشريعية. وهذا يعني ان الديمقراطية في الدول النامية تتأثر بالدعاية الأمريكية وعلى توجه المرشحين والناخبين؛
• يقول هانس فون سبونك ان العراق دمر باسم الديمقراطية بشكل ليس له مثيل له بالتاريخ وكان الهدف الحقيقي الاستيلاء على ثروات العراق. وكان هذا العمل قد أفرغ ميثاق الأمم المتحدة من مضمونه فكان العراق من دفع الثمن.
ولابد من القول أن فرض الديمقراطية بوسائل عسكرية، افرغ المضمون الوطني والسياسي للديمقراطية، وأصبحت وسيلة لتدخل الدول الكبرى في شؤون الدول الضعيفة. وباسم الديمقراطية قتل الإنسان الذي جاءت الديمقراطية لإنقاذه وفسح المجال له للمشاركة. وبهذه الطريقة أقيمت حكومات وهمية باسم الديمقراطية، وان جاءت عن طريق الانتخاب الحر. ولكنها عملت على خداع المواطنين وتضليلهم.
وما شاهدناه في العراق من مظاهر الديمقراطية يتمثل في:
• حكومات مستوردة بدلا من الحكومات الوطنية؛
• سرقة الثروات الوطنية والمال العام؛
• شوارع العراق أصبح لونها احمرا قانيا؛
• التعصب للطائفية بدلا من الوطنية؛
• ترك الدار والوطن والبحث عن ملجأ آمن؛
• علماء يقتلون ويرمون بالمزابل؛
• أصبح الجلاد ضحية.. والضحية جلادا؛
• زاد الفقر فقرا والغناء عناء؛
• حاكم أجانب يحملون جنسيات اجنبية أو من اصول اجنبية يحكمون العراق؛
• سيطرة الاقليات القومية على السلطة ومحاربة القومية العربية؛
• استغلال جهل وتخلف المواطنين في تثبيت أركان أحزاب وقوى أجنبية. فأستغل رجال الدين لمنافع خاصة، فصدرت فتاوي غير دينية. فمن لا ينتخب القائمة الفلانية تحرم عليه زوجته وصلاته وحجته..
فالبعث لا يؤمن بديمقراطية تفرض عليه من الخارج، بل انه يرى فيها القرار الوطني الصادق، وانها محبة وإخاء وتطلع نحو مستقبل لدولة متحضرة، وليس لدولة يحكمها المتخلفون العملاء.. فالبعث رسالة حضارية غير متعصب لنظام معين.. وان الدكتاتورية عملية يمقتها البعث ويحاربها.. بدليل أن البعث كان يحكم باسم أكثر من عشر ملايين عراقي.. وبعد الاحتلال لا يزال البعثيون هم القدوة الوطنية الصادقة للامة..
ونحن لا نزعم أن البعث حقق الديمقراطية للشعب العراقي، فالبعث لو طبق الديمقراطية كما طبقت هذا اليوم لشهد آثارها المدمرة كما يشاهدها الشعب العراقي هذا اليوم.. حكومات طائفية عملية.. عمالة مزدوجة.. سرقة أموال العام.. التقسيم الطائفي والمحاصصة الطائفية.. القتل على الهوية.. قتل العلماء والمفكرين..عمائم وسدائر سوداء هزازة تثير الفتن.. تهجير العراقيين..اشتداد الفقر والتخلف.. سيطرة الجهلاء على السلطة.. الأقلية تحكم الأكثرية.. زيادة السجون والمعتقلات..برلمان يقدم مسرحيات كوميدية..سيطرة ألاجني ودول الجوار على توجيه السلطة... فهذه الديمقراطية يمقتها البعث.. ويحاربها...
وإذا كان البعث يؤمن إيمانا مطلقا بان قيادته تنتخب بالأسلوب الديمقراطي، فانه من باب أولى أن يرى نفسه بين الأحزاب الوطنية الأخرى، فلابد من اعتماد الديمقراطية كوسيلة لاستلام السلطة، ولكن بعد أن تتوافر اجواء الديمقراطية... فالبعث حزب حضاري ثوري يؤمن بالإنسان العربي ويحترم القوميات الأخرى.. وان الحرية الشعار الثاني بعد الوحدة الذي يؤمن به الحزب.. فلا حرية بدون ديمقراطية..
ويعلم الجميع أن أهداف حزب البعث هي الوحدة والحرية والاشتراكية، وانه لم يحدد في نظامه الداخلي شكل نظام الحكم الذي يتبناه، لا عجزا منه إنما اراد مسايرة العصر والتطور الذي يشهده المجتمع الدولي. والأمة هي التي تختار النظام السياسي الذي تراه مناسبا.. فحيث ما تسهم الديمقراطية في توحيد الامة وتقدمه ورفاه المواطن العربي..ا فان الحزب سيكون سباقا لها.. | |
|