عدد الرسائل : 342 العمر : 40 الدولة : الوطن العربي الاوسمة : 05/11/2007
موضوع: وصية صحافي شهيد الخميس يوليو 10, 2008 4:46 am
وصية صحافي شهيد
عبد الناصر الدليمي
لست أزعم باني أحد أعلام الصحافة العراقية الوطنية الملتزمة لأكون مرشحًا محتملًا للاغتيال، ولأبرر نشر وصيتي قبل نيل شرف الشهادة المرتقبة، فبعد تجربة أكثر من سنتين ونصف السنة من الديمقراطية (المفرطة) بات واضحًا أن العراقيين جميعًا أصبحوا مشاريع استشهاد شاءوا أم أبوا، فرغم تعدد القتلة والمجرمين من حيث الزي واللغة وأداة الجريمة إلا أن الضحية واحدة دائمًا، فأي مفارقة لعينة هذه؟ أن يبقى الشعب الصابر المحتسب يدفع ضريبة لجرائم الآخرين فتزهق أرواح الأبرياء بالجملة بلا ذنب ولا تهمة محددة سوى أنهم عراقيون متمسكون ومرابطون في أرض الفراتين الخالدين لا يقدرون على البعاد عنها وإن استطاعوا لفترة فإن الحنين سيعيدهم سريعًا أو يموتون مبكرًا بسبب حسرات الفراق.
لذا، وبعد استشهاد العديد من الأحبة والأصدقاء من زملاء مهنة المتاعب من دون أن تسنح لهم فرصة نشر وصاياهم، لا أرى ما يمنعني من انتهاز الفرصة قبل فوات الأوان، وقبل أية وصية لا بد من الاعتراف بالذنوب والتوبة، لنتطهر مما علق بنا من آثام ارتكبناها بحق أنفسنا والآخرين، بجهالة أو بضغط الأيام العصيبة والشد النفسي الذي أصاب الجميع وتركهم نهبًا للانفعالات والأمراض العصابية والقلق المستمر والتوجس وحتى التطير.
ولو كانت للذنوب رائحة لما احتمل أحد مجالستي، وربما أكون أكذب عاشق بعد أن تركت العديد من المحبات المخلصات أرامل قبل الزواج بسبب كثرة الوعود التي لم أتمكن من تحقيق أي منها، ولكن ما الذي كان يمكن أن أفعله غير الوعود المتفائلة بغدٍ أفضل؟ فمن كان يتوقع أننا سنمضي سنوات الصبا حتى القبر من حرب إلى حرب؟ ولكم أتمنى أن تسامحني أرملاتي لأنني لم أقدم على الزواج بإحداهن في سنوات (الخاكي) والنفير والتأهب والاستعداد القتالي المستمر وبعد أن أكل الشيب رأسي ولحيتي وتحت إلحاح الأهل والمقربين، أقحمت إقحامًا لأفتح بيت الزوجية ـ مع هيامي بزوجتي ــ إلا أن القلق الموضوعي والمشروع من عدم القدرة على الإيفاء بالتزامات التجربة جعلني واحدًا من أسوأ الأزواج الذين عرفتهم الإنسانية، فمن خطيئة بيع مصوغاتها الذهبية المتواضعة أصلًا، إلى بيع مقتنيات المنزل قطعة بعد أخرى، إلى التورط بالكذب والمماطلات في دفع إيجار السكن ولائحة طويلة من الدائنين إلى وقفة انكسار وخجل أمام طفلتك وهي تطلب منك حاجة تعجز عن مجرد السؤال عن سعرها، إلى ألاف الخطايا التي تجرك إليها دوامة الحياة في أكثر بقاع الأرض ثراء وسخونة.
وباختصار فقد بعت في سنوات الحصار والاحتلال أكثر الأشياء التي أمتلكها وأحيانًا بعت ما لا أمتلكه أيضًا ولكن ... ويشهد الله لم ولن أبيع كلمتي فهي نذر خالص لله وحده ولهذه الأرض الطاهرة المباركة، أرض الأنبياء والأولياء والقديسين والشهداء، وما غازلت صاحب سلطة وما ترددت في نشر مظلمة وإن كان فيها إزعاج للسلطات، وما قنطت من رحمة ربي قط، ولعل الباري سبحانه وتعالى يمن عليّ ويؤخر أجلي لأشهد جلاء قوات الاحتلال عن وطني، أو أن يعجل به وأنا ثابت على قول الحق بوجه كل ظالم معتدٍ آثمٍ فله الأمر من قبل ومن بعد وأبتهل إليه أن يكرمني بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة في سبيله.
فأوصيكم خيرًا بابنتي الوحيدة «تراث» وتراثكم الأصيل المشرّف لأنه هويتكم وأصالتكم ومستقبلكم الذي دفعتم أنهارًا من الدم الطهور ليكون الأبهى والأكثر إشراقًا.ـ
وأوصي بحل مشكلة ديوني المتراكمة التي لا تساوي كلفة وليمة افطار واحدة من تلك التي يقدمها السياسيون في مؤتمراتهم (التقدمية) من خلال إحالتها إلى صندوق الدول المانحة لإعمار العراق، فخراب بيتي جزء لا يتجزأ من وطن مخرّب.
من الغرابة بمكان ان يضع المناضل نفسة عرضة للتشائم لان ذلك يكون احد العوارض في درب النضا ل نسائل الله ان يديم عمر ابي تراث وتراث لكي يشاهد عرس النصر على المحتلين وان ذلك ليس ببعيد على اللة والمجاهدين الابطال والنصر قريب انشاء الله لتقر بة عيون كل شهداء العراق والامة
موضوع: وصية صحافي شهيد 
الخميس يوليو 10, 2008 4:46 am
