شعلة البعث
شعلة البعث
شعلة البعث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


شعلة البعث
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نحن والجماهير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عزالدين القوطالي
عضو ذهبي
عضو ذهبي
عزالدين القوطالي


عدد الرسائل : 113
العمر : 56
12/12/2007

نحن والجماهير Empty
مُساهمةموضوع: نحن والجماهير   نحن والجماهير I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 20, 2008 11:40 am

نحن والجماهير


مكانة أي تنظيم سياسي رهن الإجابة على الأسئلة التالية :
1- ما هي علاقة التنظيم بالجماهير الشعبية ..
2- ما هي بنيته …
3- ما هي إيديولوجيته ؟..
4- ما هي استراتيجيته ؟ ..
5- ما هو ميزاته .. ما هو عطاؤه ؟ ..
وحين نقف قليلاً إمام هذه الأسئلة نصل إلى نتيجة مؤلمة قاسية وهي انه لم تشهد بلادنا – حتى بومنا هذا – الحزبية الصحيحة الكاملة .
وما شهده هذا القطر من تنظيمات سياسية ، هو اقرب إلى التكتل أو التجمع أو ردة الفعل .. وهي على كل حال تتفاوت مع بعضها قرباً أو بعداً من الحزب بكامل مقوماته .. وقلة ضئيلة من هذه التنظيمات هي التي تمردت على القاعدة .
وطبيعي إننا لن نجيب على هذه الأسئلة الآن ، إلا إننا سوف نقف أمام النقطة الأولى ، وعي العلاقة بين التنظيم والجماهير الشعبية .
الجماهير التي نعنيها ليست تلك القوة الشعبية التي اختارت التنظيمات السياسية والتزمت بها ، بل هي تلك التي تتفرج عليها ، والتي ابتعدت عن التنظيمات السياسية بإرادتها ، وهي اكبر عشرات المرات من الذين التزموا بالتنظيمات السياسية .
والخوف من الجماهير ، ذلك هو ما تلتقي عليه أغلب تنظيمات القطر فتتقوقع وتنكمش ، وتتعالى على الجماهير ، مدافعة عن نفسها بالتعصب والتزمت .. والجماهير بالتالي لم تستطع التجاوب مع هذه التنظيمات لتتفاعل معها بجدية كاملة ، ولتعطيها قيادها .
أهمية الجماهير الشعبية :
جمهور التنظيم لا يقل أهمية عن أعضاء التنظيم أنفسهم، بل على العكس هو أكثر تأثيرا بالأحداث منهما، ذلك أنه لم تحدث معركة في قطر إلا وكان الجمهور هو الذي يقدم أكبر نسبة من الضحايا فيها.. فامتطاء موجة عطاء الجماهير هذه ، هو كل ما تفعله التنظيمات السياسية، لأنها قوة منظمة.. أنها تبرز بعدئذ وكأنها هي وحدها التي قدمت بطولات وضحايا و انتصرت .
هل سمعنا بمعركة وقعت في بلادنا أو بلاد غيرنا بمعزل عن جماهير الشعب!.. أنه جهل وغباوة منا حين نتجاهل هذه الحقيقة ..
جهل وغباوة من أي تنظيم كان، ومن أي قائد كان حين لا يضع في حساب نضاله الجماهير الشعبية السائبة.
إن دور الجماهير غير الملتزمة في تغيير واقع القطر، وفي خوض المعارك والعطاء لها هو أكبر بكثير من دور المنظمين أنفسهـم .. والتنظيم الناجح هو الذي يولي هذا الخضم الهائل عنايته، لان دوره في فعالية القطر ، وتصعيد نضاله، واستمرار عطائه ، أكبر بكثير من دور التنظيمات السياسية مجتمعة.
وكلما كانت المسافة بين التنظيم السياسي وبين الجماهير كبيرة دل هذا على ضمور التنظيم وتقوقعه، وقاده إلى نهايته المحتومة.
القوة الكبرى التي غيرت التاريخ في الثورة الفرنسية 1789، والثورة الأمريكية والثورة الروسية 1917 وفي ثورات 1832 و 1848 و كل ثورات تاريخ الشرق الأوسط و الأقصى و أمريكا اللاتينية، و النضال البطولي الدامي الذي شهدناه في بلادنا عام 1956، ونشهده اليوم في فيتنام ولاوس وكمبوديا.. هذه القوة الكبرى هي الجماهير الشعبية الواسعة، هذه الجماهير التي صنعت المعجزات حين آمنت بالرسالة، وآمنت بالقادة .

الجماهير ملتزمة دائما:

الاتصال بالجماهير ليس فناً ، بمقدار ما هو قناعة .
حين يقنع التنظيم بان وسطه الطبيعي هو جماهير الشعب الكادح ، وان هذه الجماهير هي القوة الفاعلة المنتجة ، لا بد له من أن ينصرف بكليته إليها ليغرس في نفوس أفرادها المنطق الصحيح ، وليتعاطف معها بالمواقف المشتركة والنضال المشترك .
إن كل الذين التزموا بخط أمتهم ، وأصبحوا قادة نضالها ، ومحط آمالها ، وبقوا أوفياء لها هم من هذا الشعب ..
الجماهير الشعبية في بلادنا عزفت عن الالتزام بالقوالب المحددة لها لا عزوفاً عن النضال ، ولكن عن عدم قناعتها بالأشكال المحددة المفروضة عليها ، وعدم قناعتها بالقيادات ولأنها ترى في نفسها القدرة على العطاء وهي سائبة أكثر بكثير من قدرتها على هذا العطاء وهي منظمة في هذه القوالب ..
ألم نجدكم جماهير الشعب الوحدوي في هذا القطر أكبر مئات المرات من القوى الوحدوية المنظمة !..
إن سبب ذلك يعود إلى إن القوالب الراهنة للتنظيمات الوحدوية ، والسلوك الراهن لهذه القوى ، لا يرضي طموح هذه الجماهير ، ولا يبعث الاطمئنان في نفوسها إلى أنها سوف تعطي بالالتزام التنظيمي أكثر من عطائها وهي بعيدة عن الالتزام ، أي انه ليس لديها القناعة بأنها سوف تكون أحسن حالاً وأكثر قدرة على الإسهام في بناء الوطن ودفع الأذى عنه حين تلتزم ..
مأساة نضالنا الدائمة هي :
1- إن الأحزاب والتنظيمات والتجمعات السياسية في هذا القطر لم تشجع الجماهير على الالتزام . ولم تقنعها بمواقفها وعطائها وحياتها بان الالتزام خير من التسيب .
2- لا تزال هذه الأحزاب والتنظيمات تنطلق من نظرة خاطئة في علاقتها مع جماهير الشعب ، أنها تعتبر نفسها الوصية عليها ، وهذا الموقف إن نجح مرة فإنه لن ينجح كل مرة .. انه لابد من إن يقود الجماهير للثورة على التنظيمات السياسية كلها ، كنوع من إثبات الوجود ، وهذا الموقف خروج من التنظيمات عن قيم النضال الصحيح ، إن لم نقل انه إهانة للشعب نفسه .
3- إن تخلف الجماهير عن العمل المنظم ليست قطعاً لكون هذه الجماهير متخلفة في الوعي ، أو عاجزة عن النضال أو الالتزام ، بل لأن الطلائع الموجودة في الوطن العربي لم تنل ثقة هذه الجماهير ، ولأن هذه الجماهير أيضا لم تر فيها المعبر الصادق والقوي عن فكرها وأمانيها وطموحها .
وفي ذاكرة جماهير الشعب كثير من الأمثلة والشواهد المؤسفة على المتسلقين والمنحرفين في هذه التنظيمات .. وفيها كثير من المواقف المتهمة التي تتخذها مبرأ للبعد عن الالتزام .
4- وما يؤسف له أن اغلب هذه التنظيمات لم يطور نفسه ، إن لم نقل إن ولادته كانت أكبر بكثير من حياته كلها ، إذ بدا كبيراً وانتهى صغيراً ، بدأ بضجة كبرى ، وانتهى بصمت رهيب ، إن اغلب الأمثلة اليومية هي التي ولدت النفور من الالتزام عند جماهيرنا .. ومن حق هذه الجماهير علينا إذا إن نعطيها الصورة المشرقة للالتزام ، وذلك بالأمثلة الحية التي تبين الفارق بين التسيب والالتزام .
لا يعني كل هذا أن جماهير شعبنا آثرت التفرج والضياع والتسيب على حمل مسؤولياتها النضالية … أنها كانت دائماً وأبداً مع قضايا امتنا تحمل مسؤولياتها الكاملة ، وتقدم شهداءها قرابين على مذبح النضال القومي دون إن تطالب بثمن .
اليست الجماهير الكادحة هي التي حاربت في فلسطين عام 1936 ، وكانت وقود حركة العراق 1941 ضد الاحتلال البريطاني ، واللهيب الذي انتصر عام 1948 ضد معاهدة بورتسموت …
أنها هي نفسها التي قادت ثورة الجزائر الدامية وقدمت المليون شهيد ، وهي نفسها التي حققت الانتصارات في ليبيا والسودان وغيرهما ..
وهي هي نفسها الجماهير غير الملتزمة التي تخوض معارك الفداء العربي من العرب وغير العرب لإخماد هذه الجذوة الرائعة في تاريخ نضالنا في الأرض المحتلة اليوم ، وهي التي تتآمر عليها اليوم كل قوى البغي والطغيان البطولي …
فالجماهير الشعبية العربية ملتزمة بقضاياها القومية المصيرية التزام المرء بحاجته إلى الحياة ، ولو بدت غير ملتزمة بالأفراد والمجموعات ..
لقد التزمت مع الفقيد الراحل " جمال عبد الناصر " حين وثقت به بعد عشرات الأمثلة التي قدمها أمامها ، وحين اتجه إليها ، والتحم معها ، وأخلص لها ، أخلصت له ، وناضلت معه ، ومنحته من الثقة ما لم تمنحه لأحد .
لقد اكتشف عبد الناصر هذه الحقيقة ، حقيقة أهمية الجماهير في معاركه السلبية والايجابية لذلك أولاها عنايته ، ولم يتجه إلى التنظيمات السياسية إلا بعد زمن طويل ، وحين دعا إلى الاتحاد القومي كانت الجماهير الشعبية رائده ، وحين دعا إلى الاتحاد الاشتراكي كان يتجه إلى جماهير الشعب الكادح .
وكان هذا الرجل العظيم هو أول قوة في التاريخ الحديث استطاعت أن تحشد طاقات الجماهير وان تكون هذه الجماهير معه وله دون حساب .
كيف نصل إلى الجماهير :
لكي نكون قادرين على النضال مع الجماهير وبها ، وحين تكون هذه الجماهير معنا ، تدافع عنا ، وتحرص علينا ، وتتبنى خطنا ومواقفنا ..
لكي نحقق هذا الكسب الكبير لتنظيمنا ، يجب علينا :
1- إن نستوعب واقع الجماهير الشعبية : " مستواها ، نفسيتها ، مواقفها ، قناعاتها ، ميولها ، تطلعاتها … "
والاستيعاب الذي نعنيه ليس الدراسة المجردة قطعاً ، بل الالتصاق بهذه الجماهير ، والارتفاع إلى مستواها ، ولا نستطيع إن نرتفع إلى مستوى الجماهير بصفاته وعفويته ونبله ، إلا حين نحرر أنفسنا من كثير من شوائب نفوسنا وتأثيرات المجتمع ، وان نعتبر استمرار العلاقة بيننا وبين الجماهير طبيعية ، وصادرة ، عن قناعة كاملة ، وليس منة منا عليها .
حين نتحرر من رواسب النظرة الاستعلائية نشعر فعلاً بمتانة العلاقة التي تربطنا بالجماهير ، ونقنع بأنه لا نضال بدونها ، ولا عطاء بدونها ، ونتلمس بجدية كل الوسائل الممكنة للوصول إليها ، ولتكون معنا في كل مواقفنا ، ونحسب حسابها في كل تحرك يبدر منا ولو لم تلتزم معنا ، فكأنما هي رقيبنا الدائم ووجداننا الحي …
2- إن نتبنى أهدافها :
وما أهدافها إلا ما نحسه ، ونؤمن به ، ونناضل من أجله .
إننا حين نختلف معها ، لا يكون ذلك احجاماً منها عن العطاء ، بل يكون ذلك في رغبتها في إعطاء الارجحية لبعض الشعارات على سواها فقط ، وليس في إهمالها أياً من شعاراتنا القومية …
ومع كل هذا ، فإن رأي الجماهير هو الصائب دائماً ، وهو المفضل على رأي أي تنظيم كان حين يختلف معها ..
وقد يكون الخلاف مع الجماهير في طريقة عرض الأهداف ، لأنها تريدها أن تطرح بمنطقها وأسلوبها ، وان تجسد بالشكل الذي يلائمها ، والمواقف التي تريدها .
إننا حين ندعو إلى ما تدعو إليه هذه الجماهير لا نضيف جديداً إلى أهدافنا ، بل نؤكد الدعوة إلى هذه الأهداف بمنطقها وأسلوبها ، وفي الزمن الذي تريده ، وبالتالي : نربح وجودها معنا .
والجماهير اليوم غيرها بالأمس ، ذلك أنها تطورت كثيراً ، فإذا كانت بالأمس تقف عند حدود الأهداف المباشرة والآنية ، فهي اليوم تدعو إلى الأهداف القومية الكبرى ..
وإذا كانت في الماضي تؤمن بالنضال القصير ، لأنها تطلب الكسب المباشر ، فهي اليوم تؤمن بالنضال الطويل مهما زخر بالصعاب ، ومهما واكبته تضحيات .
3- أن نربح ثقتها بنضالنا وعطائنا لها وللقضية :
ولا تتحقق الثقة بالرغبة المجردة ، بل بالحياة مع الجماهير، وبالنضال اليومي الذي تمارسه الطلائع ، وبالتطورات التي تحققها على حلبه النضال، ووجود هذه الطلائع فعلا في مستوى القضية، وبما تقدمه من مكاسب لجماهير الشعب وللتاريخ العربي كله.
وهل يمكن للمناضلين أن يحققوا نصراً دون إن يلتحموا مع جماهير الشعب ليأخذوا منها سلامة حدسها ، وصفاء نظرتها ، وليرفعوا من مستواها الفكري ، كي تناقش بموضوعية كاملة !..
كيف نطالب بتغيير المجتمع ونحن لما نواجه الجماهير بعد ، ولم نبذل أي جهد في سبيلها !..
أننتظر الجماهير نفسها أن تفتش عنها ، أم إن طبيعة عملنا هي في التفتيش عنها ، والعمل معها !..
الجماهير مستعدة للعطاء دائماً ، فماذا اعددنا لها ، وما هي المواقف التي عبرنا بها عن إخلاصنا لها !..
فالنضال والعطاء هما المقياس الذي تقيس بهما هذه الجماهير جميع القوى والمنظمات التي تدعي الدفاع عنها والعمل لها . لذلك : حين تود هذه القوى والتنظيمات أن تعرف مكانها عند الجماهير ، عليها إن تسأل نفسها عما قدمت لها ، وما هو مقدار تضحياتها من اجلها ، وما هو أثرها في القضية القومية !..
4- إن نقنعها بأن الالتزام خير من التسيب :
حين نستطيع ضم الجماهير الشعبية إلى تنظيمنا ، نضمن لقضيتنا القومية النصر المؤزر ، مهما كانت الصعوبات التي تعترضنا ، لأن الجمهور المتفرج في بلادنا هو عشرات إضعاف الجمهور الملتزم .. ولا جدال إن القوى الشعبية المنظمة خير من القوى السائبة ، ذلك لأنها تعرف ما تريد ، وكيف تريد ، ومتى تريد ، … لها خطة عمل تسير عليها ، ولا يستطيع المتسلقون امتطاءها لمصالحهم الخاصة .. أما القوى السائبة فهي معرضة للانتهاز والتسلق ، وحتى الانحراف .
ألم نجد حركات شعبية نضالية كبرى قامت في قطرنا العربي السوري وفي العراق ومصر قبل ثورة يوليو ، وفي كثير من بلاد العرب ، قدمت فيها جماهير الشعب قرابينها رخيصة على مذبح أهدافها القطرية والقومية ، وكانت نتيجة هذا النضال ، وهذه الضحايا بروز بعض القوى المنظمة ، وحصادها لهذه التضحيات سيطرة كاملة على هذه الجماهير …
ونحن كتنظيم آمن بأن العمل المنظم هو الذي يعطي ، وهو الذي يحقق النصر ، مطلوب منا إن نبذل كل جهد مستطاع من اجل إقناع الجماهير بالالتزام ، وذلك بإعطائها الصورة المثلي لحياة التنظيم ، واخلاقيته ، ووعيه ، ونضاله ، وعطائه لأن بعض الملتزمين ، يعطون إضعاف ما يعطيه الألوف من غير الملتزمين .
وإذا أولينا تعبئة الجماهير هذه العناية ، فما ذلك إلا لأننا حتى يومنا هذا لم نستطع غرس جذور الحزبية الصحيحة على هذه الأرض ، ولم نستطع إعطاء الصورة المثلي للالتزام .
وإذا كنا نطالب اليوم بتعبئة الجمهور المتفرج ، وايلائه أقصى عناية ممكنة ، فما ذلك إلا لأننا عاجزون عن إقناعه بالالتزام .
يجب على الوحدويين الاشتراكيين أن يعرفوا الحقائق التالية :
1- الحقيقة الأولى : التي لابد من الإشارة إليها ، هي إننا حين نكون طلائع حقاً ، فلن تكون هناك حواجز بيننا وبين الجماهير ، آنذاك نستطيع إن نصل إليها بسهولة ويسر ، وهي نفسها لابد لها من إن تسعى إلينا .
ذلك انه لا يمكن لنا إن نناضل وننتصر بدونها ، وهي نفسها لا يمكن لها إن تعبر عن إيمانها بقضيتها إلا بتعاونها مع الذين هم أكثر إخلاصا للقضية .
إن جميع ثورات التاريخ بدأت بثائر أو ببعض الثوار ، ولكن الثائر وبعض الثوار لم يأخذوا صفة الثورة إلا حين التقوا مع جماهير الشعب التي منحتهم الدفء والقوة …
انه حين توجد الطلائع في تنظيم ما ، فهي قادرة على استيعاب الجمهور بالتعاطف معه وكسب ثقته ، وتعبئته معها ..
2- أن تعبئة الجماهير ، غير ضمها إلى التنظيم :
لا يجوز لنا قطعاً إن نعتبر أنفسنا بمعزل عن هذه الجماهير .
نحن واياها شيء واحد ، وليس من خطوط تميز بيننا وبينها ، سواء من حيث المنبت أو الهدف أو المصلحة .. وإذا كان لابد لنا من إن نعطي لأنفسنا ميزة عليها ، فذلك إننا اعلنا وعينا لقضية امتنا قبلها ، وكنا في مقدمة المسيرة ، على اتصال وثيق ويومي ودائم بها ، لا ندخل المعركة كما تدخلها هذه الجماهير حين تكفهر السماء وتتلبد بالغيوم ، بل نحن في أتون المعركة كل حين …
وطبيعي إننا لسنا أكثر منها قدرة على العطاء ، لأن الأبطال الأكفاء الذين تقدمهم جماهير الشعب هم أفضل بكثير كماً ونوعاً مما تقدمه التنظيمات ، وابعد أثرا ، وأكثر أنتاجا وعطاء منها .. فكم من قائد لهذه التنظيمات تخلف وتقهقر ليسبقه مناضل جديد من صلب القاعدة …
وكم من تنظيم تراجع وتقوقع خيفة مسؤوليات المعركة ، وسار تيار الشعب ليعطي وجوده وملامحه للمعركة …
ألم تكن جماهير الشعب – غير المنظمة – هي القوة الكبرى التي غيرت مجرى التاريخ العربي ، وأفسدت جميع خطط الاستعمار وجهود الصهيونية العالمية والرجعية ، حين نزلت هذه الجماهير الشعبية إلى الشارع في 9 و10 حزيران سنة 1967 …
إن تعبئة الجماهير مجال اكبر بكثير من مجال تنظيمها ، وهو أسلوب مختلف كل الاختلاف عن تنظيمها ، وحين لا يمكن ضمان النجاح في تنظيم هذه الجماهير ، فليس أمامنا من سبيل إلا النضال من اجل تعبئتها ، لأن التعبئة لا بد لها من إن تقود هذه الجماهير إلى التنظيم ولو على المدى البعيد .
إن تنظيمنا لم يلجأ بعد إلى الوسائل المباشرة لهذه التعبئة ، بل لا يزال عمله في حدود التعبئة غير المباشرة لها ، أي أنها تعبأ معه ن وتتبنى مواقفه ، نتيجة صدقه مع نفسه ، وصدقه مع قضيته ، وثباته في نضاله … وهذا لا يكفي ن بل يجب إن نبذل كل جهد مستطاع من اجل تطويرها ، وتقدمها ، لأن امكان نفوذ المتسلقين ليجنوا ثمار نضال لا فضل لهم فيه لا يزال ممكناً مادام الشعب غيرياً لا يفتش عن ذاته بمقدار ما يفتش عن رد الاعتبار .
إن هذه المواقف غير المباشرة مع القضية والنضال ، وغير المباشرة مع تعبئة الجماهير ، تعد هذه الجماهير للثقة بتنظيمنا والنضال معه … والتنظيم الناجح هو الذي يعرف كيف يضع الوسائل المباشرة لهذه التعبئة …
3- الوسط الطبيعي لنضال تنظيمنا هو هذه الجماهير :
انطلاقاً من قناعتنا بأن الجماهير هي القوة الكبرى التي تصنع المعجزات ، وأنها هي العمود الفقري للتنظيمات السياسية ، لا قوام لهذه التنظيمات بدونها ، لأنها الوسط الطبيعي الذي تعيش ضمنه ، ومجال نضالها الأساسي الذي لا وجود له بدونه ، وانه حين تفقد هذه التنظيمات تأييد الجماهير لها ، تفقد مبرر وجودها لتضمر رويداً رويداً إلى إن تمحى وتزول ، وتأخذ صفة العصابة .
فالجماهير هي القوة الأكثر صفاء ، وطاقات ، وقدرة على العطاء ، يجب إن نعتبرها الوسط الأساسي الذي نتحرك فيه ، لأن نضالنا بالأصل من اجلها هي .
النصر المؤكد يتحقق حين نحشد طاقات هذه الجماهير من أجل أهدافها .
يجب إن يمضي إلى غير رجعة ذلك المنطق المشبوه الذي كان يدفعنا إلى إن نعتبر النضال الحقيقي هو نضال المثقفين فحسب ، فالمثقفون أعطوا في التاريخ ، ووقفت رسالتهم عند حدود التبشير ، إلا إن عطاءهم كان محدوداً ، ولم يستطيعوا تغيير المجتمع إلا بالجماهير .
فإذا كان المثقفون قادرون على التحدث بالثورة النظرية ، إلا أنهم لا يمكن لهم إن يكونوا ساعدها المعطاء ، لأن الجماهير هي التي تجسد النظرية بالتجربة ، وهي التي تترجمها إلى واقع حي ، وعطاء ثر .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نحن والجماهير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شعلة البعث :: الطليعة العربية :: منتدى الطليعة العربية-
انتقل الى: