بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
ورقة قدمها الاتحاد العام لنساء العراق في المؤتمر الدولي الاول للمراة
الذي عقد في المغرب مدينة تطوان والذي نظمه الاتحاد الوطني للمراة المغربية
الاتحاد العام لنساء العراق
المكتب التنفيذي
أمانة الدراسات والبحوث
الحروب وثالوث المحافظة على البيئة صـراع الأضداد |
شبكة البصرة |
مقدم إلى إلى المؤتمر النسائي الدولي الأول بمدينة تطوان المغرب في موضوع المرأة وتحديات التنمية 8-10 آذار (مارس) 2009
المنظم من قبل : الاتحاد الوطني النسائي المغربي فرع تطوان
البيئة والتنمية جدلية التلازم
شهد العقدين الأخيرين من القرن المنصرم اهتماما واضحا بموضوع البيئة بعد أن بدا العالم يشهد متغيرات بيئية تنذر بالخطر.
والبيئة حسب التعريف الذي أقره المؤتمر الأول للبيئة (ستوكهولم 1972) (أنها المخزون المتاح من المصادر الطبيعية المتاحة لأي مجموعة من الناس أو لأي دولة لاستخدامها في التنمية).
وقد تعامل الإنسان بطريقة غير مسئولة ولم يضعها في حساباته وهو يخط على الأرض مسيرته سواء دون قصد ولإغراض الارتقاء والتطور كعملية التنمية أو لغايات تتعلق بالسيطرة على الأرض والموارد عنوة وبالقوة والمتمثلة بالحروب.
أن التنمية بدون البعد البيئي مثل الدوران في حلقة مفرغة (نمو _ فتدهور بيئي _ فتراجع نمو).
إن النظام البيئي هو نظام متكامل تتفاعل فيه الموجودات البيئية وفق ميزان دقيق من العلاقات المتبادلة وشبكة معقدة من الحلقات الرابطة بين تلك الموجودات في دوائر من الأنظمة تحكم البيئات المحلية الخاصة بكل وسط بيئي متشابه، وتندرج تلك الأنظمة الأصغر منها في الأكبر حتى تنتهي إلى دائرة شاملة تحكم البيئة.
إن هذا النظام تأثر كثيرا بالنشاط البشري وان التدهور البيئي بشكل رئيسي نتاج القرن التاسع عشر صعودا حيث بدأت البشرية تعاني من مشاكل بيئية تتمثل ب:
1ـ استنزاف الموارد.
2ـ التلوث البيئي.
3ـ اختلال التوازن البيئي.
4ـ الاحتباس الحراري
لقد بدأت المجتمعات تعيد حساباتها في وضع سياسات تصحيحية تراعي التوازن البيئي. ونشط المجتمع الدولي في هذا المجال وفي تطوير مفاهيم التنمية وإدخال البعد البيئي في مخططات التنمية، فبدا التثقيف لمفهوم التنمية المستدامة والتي تؤكد على حق الإنسان أن يحيا حياة بيئية تتوافق مع موارده الطبيعية المتاحة له بحيث يعمل على استدامتها واستمراريتها لتفي ليس فقط باحتياجاته بل احتياجات الأجيال القادمة.
ورغم تنامي الاهتمام في الشؤون البيئية إلا أن الوضع يزداد خطورة مع مرور الوقت، كما أوضحته تقييم النظم البيئية للألفية لعام 2005، حيث أن أكثر من 60% من خدمات النظم البيئية في انحسار ولا زال حوالي (1، 1) مليار شخص في الدول النامية يفتقدون الوصول إلى المياه النظيفة وفي العام 2007 وحده توفي (1، 8)مليون طفل نتيجة إمدادات المياه الملوثة. ويمثل التغيير المناخي تحديا متسارعا. فالجفاف والفيضانات وغيرها بطأت معدلات التنمية في أجزاء مختلفة من العالم ويتحمل الفقراء التبعات الأكثر شده ويؤكد تقرير التنمية البشرية لعام 2007ـ2008 بأن الدول العربية هي أكثر دول المنطقة تأثرا بالتغيرات المناخية وتتراوح التوقعات مابين تنامي معدلات الجفاف وتدهور التربة والتصحر.
إن المفارقة الساخرة أن الشعوب النامية والفقيرة يقع عليها العبء الأكبر والأخطر من التغيرات البيئية وتتحمل نتائج سياسات الدول الكبرى في استخفافها بالحد من التلوث أو الاحتباس الحراري أو غيرها من المشاكل البيئية التي تتحمل مسؤولية تفاقمها بالدرجة الأساس الدول الكبرى ولكن الدول الفقيرة منكوبة بنتائجها وان أطماع الدول الكبرى في الهيمنة والسيطرة على الموارد وصراعات النفوذ والاستحواذ فيما بينها جعلت دول العالم الثالث الضحية الأولى الذي تنعكس عليه مشاكل البيئة مع افتقاره للموارد والوسائل التي تحد أو تخفف من هذه الآثار المأساوية.
الحـروب (الـبؤر الساخنة لتلوث الـبيـئة)
وتعد الحروب من اخطر العوامل التي أثرت بالبيئة وفاقمت من تدهورها سواء أكانت موارد بشرية أو موارد طبيعية حيث أصبحت حروب القرن العشرين تشكل وسائل إبادة للبشر وللبيئة. وفي الوقت الذي يعبر فيه المجتمع الدولي عن اهتمامه بالبيئة ويقرع ناقوس الخطر حول المشاكل البيئة المتفاقمة ويحذر من الاستخفاف ويدعو لتبني مفهوم التنمية المستدامة حرصا على الأجيال القادمة ويجري استغلال ضعف البلدان النامية على الالتزام بالمعايير البيئية التي توصلت إليها البلدان المتقدمة من اجل التأسيس لفرض تميز تجاري على منتجات معينه في العالم النامي بذريعة أن إنتاجها قد ترافق مع إلحاق الضرر بالبيئة العالمية.
ولماذا لا يتم بنفس الحرص على البيئة مساءلة أميركا وهي تشن حروب الإبادة على البيئة والإنسان رغم ألاف الوقائع الدامغة وعشرات التقارير الدولية والدراسات المتخصصة عن حجم الدمار والفناء الذي حاق بالبيئة والإنسان في العراق وستناول أهمها وأخطرها :
إبادة المورد البشري.
ست سنوات مضت على الاحتلال الأمريكي للعراق عانى خلالها العراقيون من محنة ارتبطت بوجودهم وهويتهم ومستقبلهم. إن بشاعة الحرب ضد العراق بلغت حدا يفوق الوصف فالقتل بدون قيود وقواعد الاشتباك متحررة من كل قيد ومحاصرة المدن وقصف الإحياء السكنية وتهديم الدور على ساكنيها والأبشع استخدام الأسلحة المحرمة دوليا (القنابل العنقودية والذخائر التي تحتوي على اليورانيوم والفسفور الأبيض... الخ) وحين قدرت إحدى مراكز البحوث الأمريكية عدد القتلى العراقيين ب(650، 000) قتيل رفض كل من الاحتلال الأمريكي والحكومة هذا التقدير باعتباره مبالغ فيه إلا أن هذا لا ينفي أن طاحونة الموت مستمرة بطحن المزيد وربما يأتي يوم يكون مثل هذا التقدير متواضع.
إن انهيار الدولة وقدراتها وتخريب مؤسساتها التي بنوها منذ عقود طويلة أنتجت فوضى سببت تمزق العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وهو ما سهل تمزيق الشعب العراقي وإدخاله في نفق مظلم أرجعت العراق إلى ما قبل تأسيس الدولة العراقية
مستوى العنف الذي تعرض له الشعب العراقي بنسائه ورجاله غير مسبوق وقد رصد (تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2008)* أعمال القتل وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان جرت على أيدي قوات الاحتلال وقوات الأمن العراقية والجماعات المسلحة والحراس الامنيون الذين يعملون لدى شركات أمنية وعسكرية خاصة، وتؤكد منظمة العفو الدولية في تقريرها انه (وبرغم مزاعم تحسن الوضع الأمني في الأشهر الأخيرة تظل أوضاع حقوق الإنسان بحجم الكارثة وارتكبت الإطراف كافة انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان ومن ضمنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية*
هذه الإبادة البشعة خلخلت التوازن السكاني للعراق حيث أصبح (15%) من مجموع سكان العراق بين لاجئين ونازحين ووفقا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بات مالا يقل عن (4) ملايين نسمة لاجئين ونازحين حيث يعيش نحو مليونين نسمة في سورية والأردن ومالا يقل عن (2، 2) مليون نسمة كنازحين داخل العراق في أوضاع مهينة. وفي كل يوم تترمل عشرات النساء وحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية في (نيسان/ابريل/2007)هناك مليوني أرملة و4 ملايين يتيم و900 ألف طفل معاق.
وحسب تقرير اليونيسيف لشهر (مارس/2007) فان نسبة وفيات الأطفال في العراق هي الأعلى عالميا وان واحد من كل ثمانية أطفال يولدون في العراق يموت قبل بلوغ السنة الخامسة من عمره. ____________
*تقرير منظمة العفو الدولية عن حالة العراق، (بين المجازر واليأس)، لعام 2008
تلوث بيئة العراق
صدرت المنظمة الدولية للبيئة جملة تقارير تشير إلى أن المدن العراقية قد تحولت إلى مكبات للنفايات الخطرة الناتجة عن الحرب ونظرا للإهمال والظروف الحربية المسيطرة لا يمكن إزالة هذه النفايات وترحيلها وحتى أن تم ذلك فان أثارها السلبية الخطيرة لا يمكن إزالتها وفي مقدمة هذه النفايات الخطرة (الزئبق والرصاص والكادميوم والزنك والنحاس) وكلها معادن ذات تأثير سام وتتراكم في الأنسجة الحية وتتسرب إلى مياه الأنهار والبحيرات والبحار فتلوثها. كما أن الكارثة البيئية التي أشار إليها العديد من الباحثين تكمن في انتشار (الكاديوم) الذي يستخدمه الأمريكان في الذخائر وخاصة القنبلة الصغيرة التي يستعملها الجيش الأمريكي في أعمال الاقتحام على التجمعات السكانية حيث تم تفجير عشرات الآلاف من هذه القنابل مما أدى إلى تفشي مرض يسمى (اتاي) بين عدد كبير من العراقيين ومن أعراضه اضطراب في العظام وفقر دم وفشل كلوي والتلوث الأخطر الذي شمل كل بيئة العراق اليورانيوم المنضب والذي ستبقى أثاره حسب العلماء ملايين السنين وما يعنيه من ولادات مشوهة وسرطانات تتضاعف سنويا بشكل كبير. لقد اقر الاحتلال استخدام (940 ألف قذيفة يورانيوم و14 ألف قذيفة دبابات وقصف 50 ألف صاروخ و88 ألف طن من القنابل) وهو ما يعادل سبعة أضعاف القوة التدميرية التي تعرضت لها مد ينتي هيروشيما وناجازاكي. ولا يزال أكثر من (300) طن من اليورانيوم المنضب في المنطقة تلوث البيئة وتهدد صحة الإنسان من خلال الإشعاع العالية فيها لقد استخدمت أميركا ولأول مرة في تاريخ الصراعات الدولية الأسلحة الإشعاعية. لقد قدر خبراء الأمم المتحدة للبيئة المواقع بالإشعاعات بالآلاف الوفيات في محافظات العراق الجنوبية سببها السرطان وخاصة بين الأطفال والنساء حيث ارتفعت معدلات سرطان الدم بين الأطفال لتزيد عن(22%)، كما زادت إصابات النساء بسرطان الثدي بنسبة (19%) ويولد يوميا 3 أطفال كحد ادني بدون أطراف أو أعضاء وثمة حالات لأطفال ظهرت عليهم أعراض الإمراض السرطانية بعد أربعة أسابيع فقط من ولادتهم.
أصبح ميناء البصرة المكب الرئيسي لنواتج الذخائر المستهلكة من قبل الجيش الأمريكي وهي نواتج تحتوي على الزئبق ومكوناته، وبالتالي فتشكل قتلا مريعا للبيئة البحرية في الميناء وللبشر المحيطين بها، ففي عام 2005 ظهر وباء أصاب الصيادين وعائلاتهم وسكان البصرة وتمثل في خلل في النطق وسوء في الرؤية، كما أصيب عدد من سكان المدينة بأعراض شلل الإطراف ومات حسب وزارة الصحة العراقية (120) شخصا، وقد تبين أن سبب هذا المرض الذي يسمى (ميتا ماتا) يعود إلى تلوث الأسماك بمادة الزئبق وانتقاله للإنسان من خلال السلسة الغذائية.
وكذلك الوضع في مدينة الفلوجة التي استخدمت ضدها كل أنواع الأسلحة الفتاكة حيث أن سجلات مستشفى الفلوجة لعام2006 سجلت(6000)حالة مرضية مجهولة لم تكن موجودة قبلا وأكثر من (70%)من هذه الحالات شخصت بمرض السرطان وأمراض خلقية بينهم شخصت (2447) حالة سرطان في الستة أشهر الأولى من عام 2007اكثر من (50%) منها من الأطفال.
3- تصحير العراق:
إن نسبة التلوث العضوي والمعدني العناصر الثقيلة منها وتركيز الأملاح في مياه نهري دجلة والفرات تجاوز بشكل كبير النسب المحددة دوليا وانحسار المساحات المزروعة (التصحر) فارتفعت الملوحة في بغداد بأكثر من (42%) و(20%) للموصل و(13%)في شط العرب. إضافة إلى كوارث الاحتلال أمريكي في تجريف البساتين بحجة حماية أنفسهم من عمليات المقاومة وقطع الأشجار التي تعد الأحزمة الخضراء للمدن العراقية، فالعراق الذي يعد الأول بالعالم في إعداد النخيل تقلصت أعدادها بشكل كبير نتيجة تدمير البساتين خاصة في ا لمناطق التي تعد مناطق قتل لجنود الاحتلال من قبل المقاومة.
إن كارثة بيئية وإنسانية يعيشها العراق تحت الاحتلال فتلوث مياه الأنهار وصلت إلى (60%). وان الدراسة والمسح الذي آجرته وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي لعام(2004 -2005) أظهرت أن مشكله تلوث المياه تشكل سببا رئيسا للأمراض وتؤدي إلى أمراض معروفه منها الإسهال الذي يصيب الأطفال والتيفوئيد والملاريا و التدرن.
أكد هذا البيان الصحفي للجنة الدولية للصليب الأحمر رقم (29/2008) في 29/أكتوبر/2008 حيث يشير إلى تعرض الملايين من العراقيين لخطر الاصابه بالإمراض من جراء نقص الرعاية الصحية وخدمات الصرف الصحي في العديد من أرجاء العراق، وان قلق اللجنة الدولية للصليب الأحمر ينصب على (40%) من العائلات الموجودة في الريف والضواحي التي لا تغطيها شبكات للمياه. والذين يحصلون على الماء عبر شبكات المياه في بيوتهم فهم يواجهون النقص الدائم بسبب قلة صيانة شبكة المياه ويعاني نتيجة لذلك الكثير من الناس من الإمراض المنقولة عبر المياه.
4- نهـب الموارد
لم يعد خافيا على احد أن السبب الرئيسي لاحتلال العراق وتدميره هو المطامع الأميركية في الثروة النفطية للعراق الذي يملك ثاني الاحتياطات النفطية في العالم، وهو يتعرض الآن لعملية نهب منظمة لموارده الطبيعية فقد تمت السيطرة على النفط العراقي من خلال ما يسمى (عقود مشاركة الإنتاج)التي تربط مصير الثروة مدة (40) سنة لصالح المستثمر الأجنبي، وتمنع العراق من ممارسة إي سلطة سيادية على هذه العقود. لقد قام بول بريمر (رئيس ما يسمى سلطة الائتلاف في العراق)بفرض مجموعة من القرارات في العام 2004 يصل عددها إلى (100) قرار والتي من شانها ضمان تمكن الولايات المتحدة من التحكم في جميع مفاصل الحياة الاقتصادية في العراق، وان واحدا من اخطر هذه القرارات كان فرضه لتحديد مستقبل الزراعة في العراق بما يتوافق وأهواء الشركات الزراعية الأمريكية الاحتكارية والقرار يحمل رقم (81) إن المزارعين العراقيين شانهم شان بقية المزارعين في دول العالم يقومون عادة بتوفير جانب من البذور التي يزرعونها لموسم الزراعة التالي، أما الآن فقد أصبح هذا الأمر ممنوعا حيث أصبحت الشركات الأجنبية تمتلك حق الملكية الفكرية الذي يمنحهم حق الاحتكار ألحصري لجميع البذور المعدلة وراثيا وما يماثلها من نباتات وهكذا إلى جانب قصف وحرق حقولهم ومزارعهم وبيوتهم أصبح على المزارعين العراقيين الآن أن يدفعوا الأموال للشركات الأجنبية مقابل السماح لهم بزراعة ما كانوا يزرعونه منذ ألاف السنين. |
الاتحاد العام لنساء العراق عضو استشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة وعضو في (الكونغو) الاتحاد الدولي للمنظمات غير الحكومية ذات الصفة الاستشارية في الأمم المتحدة
البريد الالكتروني: [url=http://de.mc01g.mail.yahoo.com/mc/compose?to=gfiw2000@yahoo. com]gfiw2000@yahoo. com[/url] |
شبكة البصرة |
الثلاثاء 20 ربيع الاول 1430 / 17 آذار 2009 |
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس
http://www.albasrah.net/ar_articles_2009/0309/nisa_170309.htm |