كيف يكتب
التاريخ
في موضوع العلاقة بين المجتمع والفرد
والتاريخ لنا أن نتساءل : ( لمن ) يكتب التاريخ وكيف يكتب؟ هل يكتب التاريخ
للأحياء أم للأموات والشهداء؟ ولماذا نلح على أن يكتب التاريخ بما ينصف الفرد
المستحق دون أن يكون إنصافة على حساب المجتمع.
عندما يكتب التاريخ بالاطار الذي أشرنا،
فإن مثل هذا النهج يقدم خدمة كبيرة للأحياء من الناس في المجتمع لأنه يشجعهم على
البطولة، بعد أن يبين لهم أن الناس المضحيين يكونون بأستمرار محل تقدير المجتمع
والتاريخ لهم، وبما يغرس ويعمق روح التضحية والإقدام في نفوسهم، لأن الإنسان الذي
يستشهد يكون قد قدم كل ما لديه للمجتمع وللوطن، وله الحق في أن يترك إستشهاده
أثراً حسناً وبارزاً يذكر من بعدة من قبل الشعب والتاريخ، فيكون ذلك من دواعي
إعتذاز زويه ومعارفه وأصدقائة، وهذا يفرض علينا ونحن نكتب التاريخ، أن ننصف
الشهداء ليس من أجل إستشهادهم فحسب، وإنما من أجل الأحياء الذين نطلب منهم
الإستبسال في الدفاع عن القيم التي تستوجب الإستشهاد أيضاً.
ويقودنا الحديث في هذا الموضوع إلى تساؤل
أخر هو هل تصورنا يوماً ما أن تتقدم الحياة والمجتمع أو أي فرع فيهما على طريق
الأهداف المرسومة بدون قائد أو قيادات؟ الجواب لايمكن تصور ذلك ولم يكن في التاريخ
إستشهادات يقتدي بها في هذا الإتجاه، إن القائد هو إبن المجتمع وأبوه في آن معاً،
إذ هو إبن المجتمع في عملية الخلق الأول والتكون الأول وهو أبو المجتمع وأخوة في
المرحلة التي يلعب فيها أدواراً قيادية، وعندما يكون القائد أباً للمجتمع لايعني
ذلك أن يكون أباً عشائرياً متخلفاً بمعنى أن يكون وصياً عليه، وإنما تكون أبوته
ضمن سياق العلاقة الديمقراطية الثورية وما تتطلبه من تفاعل بالأضافة إلى الأسس
والشروط الديمقراطية الأخرى كما نفهمها.
وفي تاريخنا العربي الكثير من الشواهد على
الأبوة بهذه الصيغة، صيغة المجتمع الذي يخلق القائد ثم يكون القائد أباً وأخاً
كبيراً له بصيغة التفاعل، لابصيغة الأبوة العشائرية لدينا أمثلة كثيرة وقادة
كثيرون، نقدمهم نموذجاً صالحاً لتدعيم هذا الإتجاه، وأن علاقة القائد بالمجتمع،
وفق هذه الصيغ والإتجاهات القائمة على أساس التفاعل الديمقراطي، لاتضعف من مواقع
القيادة وإنما تعززها وتعمقها وتزيدها إحتراماً ومحبة بخلاف التصورات المضادة
وعندما نتحدث عن التاريخ، علينا أن لا نأخذ الأحداث السابقة ونحاكمها بمقاييس
الحاضر، لأن محاكمة الأحداث يجب أن تجرى بظروفها وبإطار حركة المجتمع أنذاك، وذلك
لأن الحدث والإنسان هما إبنا المجتمع والركائز الأساسية لقيمه التي كانت سائده
أنذاك لحد كبير والقيم التي كانت سائده في الماضي هي غيرها الأن وإنسان الماضي هو
غير إنسان الحاضر، فالأنسان يتصل إتصالاً حياً بحركة المجتمع، يتقدمه من ناحية
ويكون جزءً منه من ناحية أخرى.
فالأنسان المناضل، الأنسان الثائر، يثور
على مفاهيم وقيم المجتمع المتخلف برأسين:- رأس يرتبط بالمجتمع، ويرى ويدرس الأمور
بنظرة واقعية من أجل تغييرها. ورأس أخر ينزع إلى أمام من أجل تقدم المجتمع وتحريكه
إلى أمام وفق التصورات المركزية التي يؤمن بها.
من كتاب الثورة
والنظرة الجديدة
القائد الشهيد صدام
حسين المجيد