ماهو الدين في البعث ؟

فما هو الإسلام في مفهوم البعث؟
يمكن تلخيص هذا المفهوم في أن البعث ينظر إلى الإسلام بلا طوائف، أي في أصله: القرآن والسنة المحمدية المطهرة، اللذين يتخذهما أساسا للتشريع وسن القوانين في الدولة، وليس اعتماد الاجتهادات البشرية المذهبية، التي لا يمكن أن تكون موضع إجماع بين كافة المواطنين.
إن الحركات الدينية أثارت ومازالت تثير إشكالية أن فكرة البعث تعود لمسيحي، وهذه الحركات تجهل ما الذي كتبه هذا المسيحي عن الإسلام ورسول الإسلام. فهذا المسيحي هو الذي كتب في مطلع الأربعينات من القرن الماضي: «كان محمدا (ص) كل العرب فليكن كل العرب اليوم محمدا». فلماذا جاء هذا التلخيص متناهي الدقة في الربط بين العرب على اختلاف دياناتهم وبين دين الإسلام ونبيه الأعظم، صلى الله عليه وسلم؟
إن السبب في ذلك هو أن المسيحي ينتمي إلى الإسلام كثقافة وقيم، ويفخر بها ويدافع عنها بكل جهده الفكري. وهذا الانتماء القومي للإسلام هو الذي جعل المسيحيين العرب يواجهون مع أشقائهم في القومية العربية حملات الصليبيين الغربيين رغم الاشتراك مع الأخيرين في المعتقد، وهذا الانتماء القومي هو الذي جعل الأستاذ طارق عزيز يقول إن الحياة بعد استشهاد الرئيس صدام حسين بلا معنى! رغم أن الأول مسيحي والثاني مسلم سني!
على خلاف بعض المسلمين الذي تحالفوا مع الصليبيين والتتار لتدمير الدولة العربية الإسلامية خدمة للفرس، وعلى خلاف أصحاب العناوين الإسلامية الذين قدموا على ظهر الدبابات الأمريكية لتدمير بغداد خدمة للصهيونية والفرس!!
إن هذه الدلالات العميقة يجب أن تكون موضع تمحيص وتوقف ليسهل علينا فهم السبب الذي دفع الصفويين الموالين لإيران للتعاون مع الاحتلال الأمريكي بغرض تذويب الهوية القومية للأمة العربية، وهذا هو المشترك الوحيد بين الأمريكان وإيران في لعبتهما بالعراق.
هذه الحقيقة الجدلية بين العروبة والإسلام، هي التي التقطها حزب البعث وأكد بها على أن الإسلام روح، والعروبة جسده، ومهما ابتغينا سلخ الروح من الجسد، أو فصل الحسد عن الروح، فلن تكون هناك حياة لا للإسلام ولا للعروبة!!.
«إن الذين حاولوا وضع تعارض بين العروبة والإسلام باسم الإسلام وقعوا في فخ الجحود وعدم القدرة على فهم روح الإسلام، فأوجدوا منظومة فكرية ساذجة، لأن التخلف في الفهم لا يجد مخرجا له سوى السذاجة التكفيرية التي تحل الإشكالات المعقدة بطريقة كاريكاتيرية مدمرة للفكر والأخلاق... البعث اكتشف أن القومية العربية بلا الإسلام ما هي إلا جسد ما دي سيأتي يوم يموت فيه كما يموت أي جسد، لذلك وللحفاظ على ديمومة القومية العربية كان لا بد أن تكون لها روح تميزها عن موجة القوميات الوظيفية التي ظهرت في أوروبا..» .
وهكذا اكتشف البعث جوهر كل من الإسلام والقومية فدمج بينهما، اندماج الروح والجسد!!.
إن تاريخ ظهور الإسلام يؤكد كيف أن نبي الإسلام بدأ أولا بتحضير الجسد العربي أولا لاستقبال روح الإسلام، قبل أن يبني العرب لاحقا حضارة عربية بقيم الإسلام امتدت من الجزيرة العربية إلى الصين شرقا، فأوربا غربا!
والبعث اليوم يسعى لبعث الإسلام، وهو بالتجربة الأكثر تأهيلا لهذه المهمة، ولكن بعد أن يحقق البعث العربي، وليس العكس، تماما كما بدأ الإسلام بالعرب ثم توسع لشعوب وأمم أخرى.
إذن البعث حزب إيماني في أصله وجذوره، ولكنه يرفض المذهبية الطائفية في الإسلام ولا يتعامل معهما في إدارة الدولة.
إن هذا التعالي على الطوائف الدينية في الأمة الأساس في علمانية البعث.